كتاب أحكام أهل الذمة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)
مذهب أحمد اختاره شيخنا (¬١).
والفرق بين إجارة الشجر لمن يخدمها ويقوم عليها حتى تُثمِر، وبين بيع الثمرة قبل بُدُوِّ صلاحها= من ثلاثة أوجهٍ:
أحدها: أن العقد هنا وقع على بيع عينٍ، وفي الإجارة وقع على منفعةٍ، وإن كان المقصود منها العين فهذا لا يضر، كما أن المقصود من منفعة الأرض المستأجرة للزراعة العين.
الثاني: أن المستأجر يتسلَّم الشجر فيخدمها ويقوم عليها كما يتسلَّم الأرض، وفي البيع البائع هو الذي يقوم على الشجر ويخدمها، وليس للمشتري الانتفاع بظلّها ولا رؤيتها ولا نَشْر الثياب عليها، فأين أحد البابين (¬٢) من الآخر؟
الثالث: أن إجارة الشجر عقدٌ على عينٍ موجودةٍ مدةً (¬٣) معلومةً لينتفع بها في سائر وجوه الانتفاع، وتدخل الثمرة تبعًا وإن كان هو المقصود، كما قلتم في نفع البئر ولبن الظئر أنه يدخل تبعًا وإن كان هو المقصود. وأما البيع فعقدٌ على عينٍ لم تُخلَق بعدُ، فهذا لونٌ وهذا لونٌ.
وسر المسألة: أن الشجر كالأرض، وخدمته والقيام عليه كشقِّ الأرض وخدمتها والقيام عليها، ومُغَلُّ الزرع كمغلّ الثمر، فإن كان في الدنيا قياسٌ
---------------
(¬١) انظر: "مجموع الفتاوى" (٣٠/ ٢٣٠)، و"زاد المعاد" (٦/ ٥٢٤).
(¬٢) في المطبوع: "الرأيين" خطأ.
(¬٣) "مدة" ساقطة من المطبوع.