كتاب أحكام أهل الذمة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)
يذهبن حيث شئن، فلا تُعلم أحوالهن، فما يُدرِيه بانقضاء عدتهن؟
فإن قلتم: ينتظر علمه بذلك، أو حتى يصرن إلى حد الإياس فيحسب ثلاثة أشهرٍ= كان هذا في غاية البعد، ولا تأتي الشريعة به.
وإن قلتم: ينتظر مقدار ثلاث حيضٍ= فالحيضة قد يطول زمن مجيئها، فلا يُعلم متى تجيء، فكيف تنقضي العدة بالشك؟
فإن قلتم: هذا بعينه واردٌ فيمن طلَّق إحدى الأختين أو واحدةً من أربع، فالجواب من وجهين:
أحدهما: أن الحكم في صورة النقض لم يثبت بنصٍّ يجب التسليم له، ولا إجماعٍ لا تجوز مخالفته.
وأما ما ذكرتم من إجماع الصحابة فسألتُ شيخنا عنه فقال لي: الظاهر أنه أراد عدة الرجعية، وهاهنا يتحقق الإجماع، وأما البائن فأين الإجماع فيها؟ (¬١).
قال الشافعي (¬٢): والحجة على جواز ذلك انقطاعُ أحكام الزوجية بانقطاع أحكامها من الإيلاء والظهار واللعان والميراث وغير ذلك.
قال: وهو قول القاسم وسالمٍ وعروة وأكثرِ أهلِ دارِ السنة وحرمِ الله.
---------------
(¬١) انظر: "مجموع الفتاوى" (٣٢/ ٧٢، ٧٣).
(¬٢) كما في "السنن الكبير" للبيهقي (٧/ ١٥٠). وانظر: "الأم" (٦/ ٣٨٠، ٣٨١).