كتاب أحكام أهل الذمة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)
بهم سنةَ أهل الكتاب"، وليس هم أهل كتابٍ.
فإن قيل: فهل تُقِرُّونهم على الزنا واللواط والربا، وهو دون نكاح الأم والبنت؟
قيل: لا نُقِرُّهم عليه، نصَّ عليه أحمد في رواية إبراهيم بن أبانٍ (¬١) في مجوسي في زُقاقٍ ليس له منفذٌ، وطريق المسلمين عليه، وهو يزني (¬٢) على الطريق، فقال: يُخرَج ولا يُترك؛ لأن المسلمين يزنون معه.
والفرق بين إقراره على نكاح محرمه وإقراره على الزنا والربا واللواط: أن ذلك يتعدَّى ضرره إلى المسلمين، وأما نكاح محرمه فيختص ضرره به دون المسلمين.
وعارض أحمد قولَ (¬٣) عمر - رضي الله عنه - بإقرار النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخذ الجزية من المجوس ولم يشترط عليهم تركَ أنكحتهم، ولم يفرِّق بينهم وبين أزواجهم من ذوات المحارم مع علمه بما هم عليه. ومضى على ذلك الصديق - رضي الله عنه - خلفه. وهم إنما بذلوا الجزية ليقَرُّوا على كفرِهم وشركهم
---------------
(¬١) المصدر السابق (٢/ ٤٧١). وفيه: "إبراهيم أن أباه" وهو تحريف، وهو إبراهيم بن أبان الموصلي، له عن الإمام أحمد مسائل. انظر: "طبقات الحنابلة" (١/ ٩٣).
(¬٢) كذا في الأصل هنا وفيما بعد، والذي في "الجامع": "يُربي" و"يُربون" من الربا. وقد أشار محققه إلى أن في نسخة (ح) منه كما هنا. وعلى مثل هذه النسخة يكون اعتمد ابن القيم.
(¬٣) في الأصل: "بعد". والمثبت يقتضيه السياق.