كتاب أحكام أهل الذمة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

إلى الإسلام، فإن أجابوك فاقبلْ منهم وكُفَّ عنهم، ثم ادعُهم إلى التحوُّل من دارهم إلى دار المهاجرين، وأخبِرْهم أنهم إن فعلوا ذلك (¬١) فلهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين، فإن أَبَوا أن يتحوَّلوا منها، فأخبِرْهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين، يَجري عليهم حكمُ الله الذي يجري على المؤمنين، ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين، فإن هم أَبَوا فسَلْهم الجزيةَ، فإن هم أجابوك فاقبلْ منهم وكُفَّ عنهم، فإن هم أَبَوا فاستعِنْ بالله وقاتِلْهم. وإذا حاصرتَ أهلَ حصنٍ فأرادوك أن تجعل لهم ذمَّةَ الله وذمَّةَ نبيِّه فلا تجعلْ لهم ذمَّةَ الله ولا ذمَّة نبيِّه، ولكن اجعلْ لهم ذمتَك وذمةَ أصحابك، فإنكم أن تُخْفِروا ذِمَمَكم وذِمَمَ أصحابكم أهونُ من أن تُخْفِروا ذمةَ الله وذمةَ رسوله. وإذا حاصرتَ أهلَ حصنٍ فأرادوك أن تُنزِلهم على حكم الله فلا تُنزِلهم على حكم الله، ولكن أَنزِلْهم على حكمك، فإنك لا تدري أتصيبُ حكم الله فيهم أم لا؟ ".
وفي هذا الحديث أنواعٌ من الفقه:
منها: وصية الإمام لِنوَّابه وأمرائه ووُلاتِه بتقوى الله، والإحسان إلى الرعية، فبهذين الأصلين يُحفظ على الأمير منصِبُه، وتَقَرُّ عينُه به، ويأمن فيه من النكَبات والغِيَر. ومتى ترك هذين الأمرين أو أحدهما فلا بدَّ أن يسلبه الله عزَّه، ويجعله عبرةً للناس، فما أُزِيلت (¬٢) النِّعم إلا بترك تقوى الله والإساءة إلى الناس.
---------------
(¬١) "ذلك" ساقطة من المطبوع.
(¬٢) في المطبوع: "فما إن سلبت" خلاف ما في الأصل.

الصفحة 9