كتاب أحكام أهل الذمة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)
وسكت المسلمون. وهذا كان عام الفتح، فلما دخل مكة في حجة الوداع قيل له: ألا تنزل في دارك؟ فقال: «وهل ترك لنا عقيل من دارٍ؟!».
قال الشيخ (¬١): وهذا الحديث قد استدل به طوائف على مسائل:
فالشافعي احتج به على جواز بيع رباع مكة، وليس في الحديث أنه باعها. قلت: الشافعي إنما احتج بإضافة الدار إليه بقوله «في دارك» وأردفه بقوله تعالى: {وَأُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ} [آل عمران: ١٩٥]. والمنازعون له يقولون: الإضافة قد تصح بأدنى ملابسةٍ، فهي إضافة اختصاصٍ لا إضافة ملكٍ، لأن الله سبحانه جعل الناس في الحرم سواءً العاكفُ فيه والباد.
المسألة الثانية: المنع من توريث المسلم من الكافر، فإنه قد روي أنه قاله عقيب هذا القول (¬٢)، وكان قد استولى على بعضها بطريق الإرث من أبي طالب، وعلى بعضها بطريق القهر والغلبة. والظاهر أنه استولى على نفس ملك النبي - صلى الله عليه وسلم - وداره التي هي له، فإنه قيل له: ألا تنزل في دارك؟ فقال: «وهل ترك لنا عقيل من دارٍ؟» يقول: هو أخذ داري ودار غيري من بني هاشم. وكان عقيل لم يُسلم بعد، بل كان على دين قومه، وكان حمزة وعبيدة بن الحارث وعلي وغيرهم قد هاجروا إلى المدينة مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، وجعفر هاجر إلى الحبشة، فاستولى عقيل على رباع النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلى رباع آل أبي طالب.
---------------
(¬١) أي شيخ الإسلام.
(¬٢) كما عند أحمد (٢١٧٥٢) والبخاري (٤٢٨٢، ٤٨٨٣).