كتاب أحكام أهل الذمة - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)
فهذا فيه للعلماء قولان في مذهب أحمد وغيره:
أحدهما: لا يجوز، قاله الشافعي في موضع (¬١)، ووافقه طائفةٌ من أصحاب أحمد كالقاضي في «المجرد» والشيخ في «المغني» (¬٢)، ولم يذكروا غيره.
والثاني: يجوز ذلك، وهو الذي نصَّ عليه الشافعي في «المختصر» (¬٣)، وقد ذكر الوجهين في مذهب أحمد طائفةٌ آخرهم ابنُ حمدان (¬٤).
والمذكور عن أبي حنيفة أنها لا تكون لازمةً بل جائزةً، فإنه جوَّز للإمام فَسْخها متى شاء. وهذا القول في الطرف المقابل (¬٥) لقول الشافعي الأول.
والقول الثالث: وسطٌ بين هذين القولين.
وأجاب الشافعي عن قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لأهل خيبر: «نُقِرُّكم ما أقرَّكم الله» (¬٦) بأنَّ المراد: نُقِرُّكم ما أذن الله في إقراركم بحكم الشرع. قال (¬٧): وهذا
---------------
(¬١) انظر: «الأم» (٥/ ٤٥٤).
(¬٢) (١٣/ ١٥٤). وفي «الإنصاف» (١٠/ ٣٨٠) أن القاضي اختار صحة الهدنة إذا قال: هادنتكم ما شئنا.
(¬٣) للمزني (ص ٣٨٦).
(¬٤) لم أجد الوجه الثاني في «الرعاية الكبرى» (كتاب الجهاد/ باب الأمان وغيره) نسخة تشستربيتي (١٨/ب). وقال في «الصغرى» (ص ٥٨٢): «وإن هادنهم مطلقًا بطلت».
(¬٥) في الأصل: «القائل»، تصحيف.
(¬٦) أخرجه البخاري (٢٧٣٠) من حديث ابن عمر.
(¬٧) في «الأم» (٥/ ٤٥٤).