كتاب أعلام الحديث (شرح صحيح البخاري) (اسم الجزء: 1)

صحت، وإذا لم تصحبها لم تصح، ومقتضى حق العموم منها يوجب أن لا يصح عمل من الأعمال الدينية أقوالها وأفعالها إلا بنية دخل فيها التوحيد الذي هو رأس أعمال الدين فلا يصح القول بالتوحيد إلا بمعرفة وقصد إخلاص فيه، وكذلك سائر أعمال الدين، من الصلاة والزكاة والصيام والوضوء بالماء والتيمم بالتراب، فلو أن رجلا غسل أعضاء الوضوء من بدنه تبردا أو تنظفا لم يجزه أن يصلي بذلك حتى ينوي بالوضوء رفع الحدث، وكذلك لو فعله يريد به تعليم غيره الوضوء. ومثل ذلك لو انغمس في نهر ليتعلم سباحة أو يصطاد سمكا، أو يستخرج من قعره شيئا، أو ليأخذ ما يطفو على متنه من غثاء وحطب في نحو ذلك، لم يجز أن يصلي بشيء منها حتى يكون قصده بمس الماء نوعا من العبادة التي لا تجزي [تجزئ] إلا بطهارة. ويدخل في عمومه فرض الأعمال ونفلها وقليلها وكثيرها.
وقوله: (وإنما لكل امرئ ما نوى). تفصيل لبيان ما تقدم ذكره، وتأكيد له، وفيه معنى خاص لا يستفاد من الفصل الأول، وهو إيجاب تعيين النية للعمل الذي يباشره، فلو نوى رجل أن يصلي أربع ركعات عن فرضه إن كان قد فاته، وإلا فهي تطوع لم تجزه عن فرضه، لأنه لم يمحِّض النية له ولم يعينه بأن لا يشرك معه غيره وإنما داول في النية بين الفرض وبدله، فلم تجد النية قرارا، وكذلك هذا فيمن نوى في آخر ليالي شعبان أن يصوم غدا عن فرض رمضان إن أهل الهلال، وإلا فهو تطوع، فصادف صومه الشهر لم

الصفحة 113