كتاب أعلام الحديث (شرح صحيح البخاري) (اسم الجزء: 1)

سابغة فاسترسلت عليه حتى سترت جميع بدنه وحصَّنته، وجعل البخيل كرجل كانت يداه مغلولتين إلى عنقه ناتئتين دون صدره، فإذا أراد لبس الدرع حالت يداه بينهما وبين أن تمر سُفلا على البدن واجتمعت في عنقه فلزمت ترقوته فكانت ثقلا ووبالا عليه من غير وقاية له أو تحصين لبدنه، وحقيقة المعنى أن الجواد إذا هم بالنفقة اتسع لذلك صدره وطاوعته يداه فامتدتا بالعطاء والبذل، وأن البخيل يضيق صدره وتنقبض يده عن الإنفاق في المعروف والصدقة، وإلى نحوٍ من هذا المعنى أشير، والله أعلم، في قوله عز وجل: {وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء}.
وقوله في هذه الرواية: حتى تُخفي بنانه، الرواية الصحيحة: (حتى تُجِنَّ بنانه)، هكذا حدثناه ابن الأعرابي قال: حدثنا سعدان بن نصر، قال: أخبرنا سفيان بن عيينة، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم فقال فيه: (حتى تجن بنانه) أي تسترها، يقال: جن وأجن بمعنى واحد.

الصفحة 770