كتاب الأحكام الوسطى (اسم الجزء: 1)

وجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من نفسه خفة، فقام يُهادى بين رجلين ورجلاه تخطان في الأرض، قالت: فلما دخل المسجد سمعَ أبو بكر حسّه، ذهب يتأخر، فأومأ إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قُم مكانك، فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتَّى جلس عن يسار أبي بكر رضي الله عنه، قالت: فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي بالناس جالسًا، وأبو بكر قائمًا يقتدي أبو بكر بصلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ويقتدي الناس بصلاة أبي بكر.
وفي رواية: وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي بالناس وأبو بكر يسمعهم التكبير.
وفي أخرى: إن أبا بكر رجل رقيق إذا قرأ القرآن لا يملك دمعه (¬1).
على هذا أكثر الآثار الصحاح على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان المتقدم وأن أبا بكر كان يصلي بصلاة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وذكر ذلك أبو عمر (¬2).
وذكر عبد الرزاق عن ابن جريج قال: أخبرني عطاء قال: اشتكى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأمر أبا بكر أن يصلي بالناس، فصلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالناس قاعدًا، وجعل أبا بكر وراءه بينه وبين الناس، قال: وصلى الناس وراءه قيامًا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لَوِ استقبلتُ منْ أَمرِي مَا استدبرتُ مَا صليِّتُمْ إِلّا قُعودًا، فصلُّوا بصلاةِ إِمامِكُمْ ما كانَ إِنْ صلَّى قَائِمًا فصلُّوا قيامًا، وإنْ صلَّى قَاعِدًا فصلُّوا قُعودًا" (¬3).
هذا مرسل.
النسائي، عن أنس قال: آخر صلاة صلَّاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع القوم صلى في ثوب واحد متوشحًا خلف أبي بكر (¬4).
الترمذي، عن عائشة قالت: صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مرضه خلف أبي بكر قاعدًا في ثوبه متوشحًا به (¬5).
¬__________
(¬1) رواه مسلم (418).
(¬2) انظر التمهيد (6/ 145).
(¬3) رواه عبد الرزاق في المصنف (4074).
(¬4) رواه النسائي (2/ 79).
(¬5) رواه الترمذي (363).

الصفحة 327