كتاب الأحكام الوسطى (اسم الجزء: 2)

وعنه قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته واشتد غضبه حتى كأنه منذر جيش يقول: "صبّحكُمْ ومسّاكُمْ" ويقول: "بُعثتُ أَنَا وَالساعةُ كَهَاتَينِ" ويفرق بين إصبعيه السبابة والوسطى ويقول: "أَمَّا بَعدُ فَإنّ خَيرَ الحديثِ كتابُ اللهِ، وخَير الهُدَى هُدَى محمدٍ، وشرّ الأمورِ مُحدثَاتُها، وكُل بِدعةٍ ضَلالَة" ثم يقول: "أَنَا أَوْلَى بكلِ مؤمنِ منْ نفسِهِ، فمنْ تَركَ مالًا فلأَهلِهِ، ومنْ تَركَ دَينًا أَو ضياعًا فإليَّ وعَليَّ" (¬1).
أبو داود، عن ابن مسعود أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا تشهد قال: "الحمدُ للهِ نَستعينُهُ وَنَستغفِرْهُ، ونعوذُ بِاللهِ مِنْ شرورِ أنفُسنَا مَنْ يُهدِ اللهُ فَلاَ مُضل [لَهُ]، ومنْ يضللْ فَلا هادِيَ لَهُ، وأَشهدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إلَّا اللهُ، وأشهدُ أَنَّ محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ، أَرسَلَهُ بالحقِّ بَشِيرًا ونَذِيرًا بين يَديْ السّاعةِ، منْ يُطِع اللهَ وَرَسولَهُ فَقَدْ رُشِدْ، ومَنْ يَعصِهمَا فَإنَّهُ لاَ يُضِرّ إِلّا نفسَهُ ولا يُضر اللهُ شَيْئًا" (¬2).
وعن يونس أنه سأل ابن شهاب عن تشهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الجمعة فذكر نحوه وقال: "منْ يعصِهمَا فقدْ غَوى ونسألُ اللهَ رَبَّنَا أَنْ يجعلَنا ممنْ يُطيعَهُ ويطيعُ رسولَهُ ويتبعُ رضوانَه ويجتنبُ سخطَهُ فإنَّمَا نَحْنُ بِهِ وَلَهُ" (¬3).
ومن مراسيل أبي داود أيضًا عن ابن شهاب قال: بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقول إذا خطب: "كُلُّ مَا هُوَ آتٍ قرِيبٌ ولا بُعْدَ لما هُو آتٍ، لا يعجلُ اللهُ لعجلةِ أحدٍ، ولا يخف لأمرِ النَّاسِ، مَا شَاءَ اللهُ لاَ مَا شَاءَ النَّاسُ، يريدُ النَّاسُ أمرًا ويريدُ اللهُ أمرًا، وما شَاءَ اللهُ كانَ وَلو كَرِهَ النَّاسُ، ولا مُبعِدَ لِمَا قَرَّبَ اللهُ، وَلاَ مُقَرِّبَ لِمَا بَعْدَ اللهُ، لاَ يكون شَيءٌ إلَّا بِإِذْنِ اللهِ" (¬4).
¬__________
(¬1) رواه مسلم (867).
(¬2) رواه أبو داود (1097).
(¬3) رواه أبو داود (1098).
(¬4) رواه أبو داود في المراسيل (ص 93).

الصفحة 108