كتاب الأحكام الوسطى (اسم الجزء: 2)

"يَا عَائِشَة مَا الَّذِي اشتدَّ عَليكِ" قالت: كان يطعم الطعام ويصل الرحم، قال: "أَمَّا إِنَّهُ يهونُ عَليهِ بِمَا تَقولينَ" (¬1).
مسلم، عن جرير بن عبد الله قال: كنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صدر النهار، فجاءه قوم حفاة عراة مجتابي النمار أو العباء متقلدي السيوف عامتهم من مضر بل كلهم من مضر، فتمعر وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما رأى بهم من الفاقة، فدخل ثم خرج فأمر بلالًا فأذن وأقام فصلى [بهم] ثم خطب فقال: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ. . .} إلى آخر الآية {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} والآية التى في الحشر: {[يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا] اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ} "تصدق الرَّجل منْ دينارِهِ منْ درهمِهِ مِنْ ثَوبِهِ مِنْ صَاعِ برّهِ مِنْ صاعِ تمرِهِ"، (حتى قال:) "وَلَوْ بِشقِ تَمرةٍ" قال: فجاء رجل من الأنصار بصُرَّة كادت كفه تعجز عنها بل قد عجزت، قال: ثم تتابع الناس حتى رأيت كومين من طعام وثياب حتى رأيت وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتهلل كأنه مُذْهَبَةٌ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ سَنَّ فِي الإِسلامِ سنّةً حَسنةً فَلَهُ أَجرُهَا وَأجرُ منْ عمِلَ بِهَا [مِنْ] بعدِهِ مِنْ غيرِ أَنْ ينقصَ منْ أجورهِمْ شَيءٌ, ومنْ سنَّ فِي الإِسلامِ سنةً سَيِّئةَ فَلهُ وزرُهَا وزرُ منْ عمِل بِهَا مِنْ بعدِهِ مِنْ غيرِ أَنْ ينقصَ منْ أوزارِهِمْ شَيْءٌ" (¬2).
البخاري، عن عدي بن حاتم قال: بَيْنَا أَنا عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، إذ أتاه رجل فشكا إليه الفاقة، ثم أتاه آخر فشكا إليه قطع السبيل، فقال: "يا عديُّ هَلْ رأيتَ الحيرةَ؟ " قلت: لم أرها وقد أُنبئت عنها، قال: "فَإِنْ طالَتْ بِكَ الحياةُ لترينَّ الظعينةَ تَرتحلُ منَ الحيرةِ حتَّى تطوفَ بالكعبةِ، لاَ تخافُ أَحَدًا إِلّا الله" قلت: فيما بيني وبين نفسي فأين دُعَّارُ طَيِّئٍ الذين قد سعروا البلاد، [قال]:
¬__________
(¬1) المراسيل (ص 119) وتحفة الأشراف (12/ 380).
(¬2) رواه مسلم (1017) وما بين المعكوفين ليس عند مسلم.

الصفحة 192