كتاب الأحكام الوسطى (اسم الجزء: 2)

النسائي، عن جابر بن سمرة قال: خطب عمر الناس بالجابية فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام في مثل مقامي هذا قال: "أَحسنُوا إِلى أَصحَابِي ثُمَّ الذينَ يلونَهُم ثُمَّ الذِينَ يلونَهُم ثمَّ الذينَ يلونَهُم، ثُمَّ يفشُو الكذِبَ حتَّى أَنَّ الرجلَ ليحلفَ عَلَى اليمينِ قبلَ أَن يُستحلفَ، ويشهدَ عَلى الشهادةِ قبلَ أَنْ يُستشهدَ عَليهَا، فمن أرادَ منكُم أن ينالَ بحبوحةَ الجنَّةَ فيلزَمِ الجَماعةَ، فإنَّ الشيطانَ مَعَ الواحدِ وهُوَ من الاثنينِ أبعدَ، أَلَا لَا يخلّونَ رجلٌ بامرأةٍ، فإنَّ الشيطانَ ثالثهُمَا، أَلَا ومن كانَ منكُم تسوؤُهُ سيئةً وتسرُّه حسنةً فَهُوَ مؤمنٌ" (¬1).
الترمذي، عن الحارث الأشعري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إِنَّ اللهَ أمَرَ يَحيىَ بنَ زكريَا بخمسِ كلماتٍ أَن يعملَ بها ويأمرَ بَنِي إسرائيلَ أن يَعملُوا بِهَا، وإِنَّه كاد أَن يبطئَ بِهَا، قال عيسى: إِنَّ الله أمركَ بخمس كلماتٍ لتعملَ بِهَا وتأمرَ بَنِي إسرائيلَ أَن يعملُوا بِهَا، فَإمَّا أَن تأمُرَهُم وإمَّا أَنْ آمرهُمْ فقالَ يَحيىَ أَخشَى إِن سبقتَنِي أَنْ يخسفَ بِي أَوْ أُعذَّبَ، فجمعَ النَّاسَ فِي بيتِ المقدس فامتلأ المسجدُ وقعدُوا عَلَى الشرفِ، فقالَ: إِنَّ اللهَ أمرني بخمسِ كلماتٍ أَنْ أَعْمَلَ بهنَّ، وآمركُم أَن تعملُوا بهنَّ، أوَّلَهُن أَن تعبدُوا الله ولا تُشرِكُوا بهِ شَيئًا، وإِنَّ مثلَ من أشرك باللهِ كمثلِ رجلٍ اشتَرَى عَبدًا منْ خالصِ مالِه بِذهبٍ أو وَرقٍ، فقالَ: هَذ دَارِي وهَذا عملِي فَاعمل وأدِّ إِليَّ، فكانَ يعملُ ويؤدِّي إِلى غيرِ سيّدِهِ، فأيُّكُم يَرضى أن يكونَ عبدُهُ كذلِكَ؟ وإِنَّ اللهَ أمركُم بالصَّلاةِ فَإذَا صلَّيتُمْ فَلا تلتفتُوا فَإنَّ اللهَ ينصبُ وجهَهُ لوجهِ عبد فِي صَلاتِهِ مَا لَمْ يلتفتْ، وأَمركُمْ بالصيامِ فإِن مثلَ ذَلِكَ كمثلِ رَجُلٍ فِي عصابةٍ معَه صرةٌ فيهَا مسك، فكلّكُم يُعْجَبُ أو تُعجبه ريحهَا، وإِنَّ ريحَ الصَّائمِ أطيبُ عندَ الله من رِيح المسكِ، وأمركُمْ بالصدقةِ، فإنَّ مثلَ ذَلِكَ كَمثلِ رجلٍ أسرَهُ العدوّ، فأوثقُوا يَده
¬__________
(¬1) رواه النسائي في عشرة النساء من الكبرى كما في تحفة الأشراف (8/ 15) وأبو يعلى (143).

الصفحة 374