كتاب الأحكام الوسطى (اسم الجزء: 2)

إِلى عنقِه، وقدَّمُوهُ ليضرِبُوا عنقَهُ، فقالَ: أنَا أفدِيه منكم بالقليلِ والكثيرِ، فَفَدا نفسَهُ منهُمْ، وأمرَكُمْ أَنْ تذكُروا اللهَ فَإنَّ مثلَ ذَلِكَ كَمثلِ رجلٍ خرجَ العدوُ فِي أثرِهِ سِراعًا حتَّى إِذَا أتَى عَلَى حصنٍ حصينٍ أحرزَ نفسَهُ منهُمْ، كذلكَ العبدُ لا يحرِزُ نفسَهُ منَ الشيطانِ إِلَّا بِذكرِ اللهِ تَعالى" قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "وأنَا آمركُمْ بخمسٍ الله أمرني بهنَّ، السمعِ والطاعةِ والجهادِ والهجرة والجماعةِ، فإِنَّ منْ فارقَ الجماعةَ قدرَ شبرٍ فقد خَلعَ ربقةَ الإسلامِ مِن عنقِهِ إِلَّا أَن يراجعَ، ومنْ ادّعى دعوَى الجاهليةِ فإنَّهُ منْ جُثَى جهنَّمَ" فقال رجل: يا رسول الله وإن صلى وصام؟ قال: "وإنْ صلّى وصامَ، فادعُوا بدعوى اللهِ الذي سماكُمْ المسلمينَ المؤمنينَ عبادَ الله" (¬1).
قال: هذا حديث حسن صحيح.
مسلم، عن عوف بن مالك قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "خيارُ أمتكُمْ الذينَ تحبونَهُم ويحبونكم، وتصلّونَ عليهِم ويصلّونَ عليكُمْ، وشرارُ أئمتكُمْ الذينَ تبغضونَهُم ويبغضونَكُم وَتلعنوهُمْ ويلعنوكُم" قالوا: قلنا: يا رسول الله أفلا ننابذهم عن ذلك؟ قال: "لا مَا أقامُوا فيكُمُ الصَّلاة إلَّا مَن وَلِيَ
عليه والٍ فرآه يأتي شَيئًا من مَعصِيه الله فليكرهُ مَا يأتِي منْ معصيةِ اللهِ ولا يَنزعن يدًا منْ طاعةٍ" (¬2).
وعن عبادة بن الصامت قال: دعانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبايعنا، فكان فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثره علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفرًا بوَاحًا عندكم من الله فيه برهان (¬3).
¬__________
(¬1) رواه الترمذي (2867).
(¬2) رواه مسلم (1855).
(¬3) رواه مسلم (1709).

الصفحة 375