كتاب العين والأثر في عقائد أهل الأثر

وقال في الفتح أيضًا: قوله صلى الله عليه وسلم: "ثم يناديهم بصوت يسمعه من بَعُدَ كما يسمعه من قرب" 1 حمله بعض الأئمة على مجاز الحذف، أي "يأمر من ينادي"، فاستبعده من أثبت الصوت، بأن في قوله: "يسمعه من بعد" إشارة إلى أنه ليس من المخلوقات؛ لأنه لم يعهد مثل هذا فيهم, وبأن الملائكة إذا سمعوه صعقوا، وإذا سمع بعضهم بعضًا لم يصعقوا, قال: فعلى هذا, فصوته سبحانه وتعالى صفة من صفات ذاته، لا يشبه صوت غيره، إذ ليس يوجد شيء من صفاته في صفات المخلوقين, قال: وهكذا قرره المصنف -يعني البخاري- في كتابه خلق الافعال2. انتهى.
__________
1 رواه البخاري في: صحيحه: باب قوله الله تعالى: "ولا تنفع الشفاعة عنده..الآية",
"الفتح: "453/13", وفي: خلق أفعال العباد: "صـ 13، 59".
2 خلق أفعال العباد::صـ 59".
حد الصوت 3
وحد الصوت ما تحقق سماعه، فكل متحقق سماعه صوت، وكل ما لا يتأتى سماعه ليس بصوت، وصحة الحد كونه مطردًا منعكسًا4، وقول من قال: إن الصوت هو الخارج من هواء بين جرمين, فغير صحيح، لما يوجد سماع الصوت من غير ذلك، كتسبيح5 الأحجار، وتسبيح الطعام، وتسبيح الجبال6، وشهادة الأيدي، والأرجل7, وقال تعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} 8 وقال تعالى: {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلْ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ
__________
3 فتح الباري: "457/13".
4 شرح الكوكب المنير: "103/1"، مختصر الطوفي: "صـ 41"، التعريفات: "صـ 118".
5 في شرح الكوكب المنير: "56/2": كتسليم الأحجار, وقد تقدم ذكر مخرجه.
6 قال تعالى: {وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ} [الأنبياء، الآية: 79] , وقال تعالى: {إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالإِشْرَاقِ} , [ص: الآية 8] .
7 تقدم ذكر مخرجه.
8 الإسراء: الآية: 44.

الصفحة 94