كتاب آراء ابن حجر الهيتمي الاعتقادية (عرض وتقويم في ضوء عقيدة السلف)

٢ - إعماله المجاز والتأويل والتفويض في بعض نصوص الكتاب والسنة:
من الأصول المقررة - عند القائلين بالمجاز - أن الأصل في الكلام الحقيقة، وأن المجاز على خلاف الأصل، فلا يعدل عنها إلا لقرينة (¬١).
وقد قرر ذلك ابن حجر - رَحِمَهُ اللَّه - في مواضع متعددة، وكرره في مواطن مختلفة (¬٢)، منها قوله:
"كل ما يمكن حمله على ظاهره يتعين حمله عليه، ولا يؤول إلا لدليل يمنع من الحمل على ظاهره" (¬٣).
وأنكر - رَحِمَهُ اللَّه - على من صرف ألفاظ النصوص عن حقائقها إلى مجازاتها، وتأولها بما ينافي ظاهرها، كإنكاره على من تأوّل شفاعة الصيام والقرآن يوم القيامة (¬٤)، ومن تأوّل نزول الحجر الأسود أبيضَ من الجنة (¬٥)، ومن تأوّل بقاء الملائكة على أسوار مكة والمدينة لحراستها من الطاعون والدجال (¬٦).
إلا أن - ابن حجر - غفر الله له - خالف ذلك ووقع فيما أنكره على غيره حيث أعمل المجاز والتأويل والتفويض في نصوص الصفات، وحرف دلالاتها عن حقائقها، ومن أمثلة ذلك:
أ - قوله بأن حقيقة اليمين مستحيلة على الله تعالى، وأنها مجاز عن مزيد الرضا والقبول وإعظام الجزاء، وتأويله لها بذلك (¬٧).
ب - قوله بأن حقيقة الأصابع مستحيلة على الله تعالى، وأنها مجاز عن إرادة الخير والشر في العبد، وتأويله لها بذلك (¬٨).
---------------
= (١/ ٢٧٧)، وللاستزادة: منهج السلف والمتكلمين في موافقة العقل للنقل لجابر إدريس (١/ ١١٧) وما بعدها.
(¬١) انظر: الطراز للعلوي (١/ ٧٧).
(¬٢) انظر: فتح الإله بشرح المشكاة (ص ٢٨، ٢٢٣، ٢٢٥، ٣٤٤، ٣٤٦)، التعرف (ص ٣٥، ٣٧).
(¬٣) فتح الإله (ص ٣٤٦).
(¬٤) انظر: المصدر السابق (ص ٢٨).
(¬٥) انظر: المصدر السابق (ص ٢٢٥).
(¬٦) انظر: المصدر السابق (ص ٣٤٤).
(¬٧) انظر: (ص ٣١٢).
(¬٨) انظر: (ص ٣١٤).

الصفحة 69