كتاب آراء ابن عجيبة العقدية عرضا ونقدا

وقال في موضعٍ آخر: "لم أحفظْ عن فقهاء المسلمين أنهم اختلفوا في تثبيتِ خبر الواحد" (¬١).
وقال ابن عبد البر (¬٢): "أجمع أهلُ العلم من أهل الفقه والأثر في جميع الأمصار -فيما- علمت على قبول خبر الواحد العدل، وإيجاب العمل به إذا ثبت ولم ينسخه غيره من أثر أو إجماع، على هذا جميع الفقهاء في كلِّ عصر من لدن الصحابة - رضي الله عنهم - إلى يومنا هذا" (¬٣).

الجهة الثالثة: استدلاله بصحيح السُّنَّة على وحدة الوجود (¬٤)
استدلَّ ابن عجيبة بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يرويه عن ربه - عز وجل -: «وما تقرَّب إليَّ المتقربون بمثل أداء ما افترضت عليهم، ولايزال عبدي يتقرَّب إليَّ بالنوافل حتى أحبَّه، فإذا أحببته كنت له سمعًا وبصرا ... » (¬٥)، وفي حديث آخر: «فإذا أحببته كنته» (¬٦)، (¬٧).
---------------
(¬١) الرسالة، ص ١٩٧.
(¬٢) هو أبو عمر، يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر بن عاصم، الأندلسي القرطبي المالكي، ولد سنة ٣٦٨ هـ، له مصنفات كثيرة منها: التمهيد لما في الموطَّأ من المعاني والأسانيد، الاستذكار، جامع بيان العلم وفضله، توفي سنة ٤٦٣ هـ. ينظر: سير أعلام النبلاء ١٨/ ١٥٣، ١٦٣، ترتيب المدارك ٤/ ٨٠٨، ٨١٠، وفيات الأعيان ٧/ ٦٦، ٧٢، البداية والنهاية ١٦/ ٣٣.
(¬٣) التمهيد ١/ ٢.
(¬٤) سيأتي الحديث عنها وأثرها في الباب الثالث من هذا الكتاب، ذكرتها هنا مبيِّنًا فساد استدلال ابن عجيبة بحديثٍ صحيحٍ على معتقده الفاسد.
(¬٥) أخرجه البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، كتاب الرقاق، باب التواضع، ٤/ ١٩٢ رقم ٦٥٠٢.
(¬٦) هذه الزيادة لم أجدها في مصادر تخريج الحديث.
(¬٧) معراج التشوف إلى حقائق التصوف، ص ٥٨.

الصفحة 103