كتاب آراء ابن عجيبة العقدية عرضا ونقدا

الذكر على ثلاثة أقسام: قسم يطلبون الأجور، وقسم يطلبون الحضور، وقسم وصلوا ورفعوا الستور" (¬١).
والذي عليه أهل العلم أنَّ الذكر عبادة من العبادات التي بيَّنت الأدلة أنه يترتب عليه فضائل وأجور لم يذكر فيها الوصول بما يسمّونه بالكشف، إنما فيه تقوية الإيمان بالله وطمأنينة القلوب ورفع الدرجات، وتكفير السيئات، ومن أمثال ذلك ما ورد في الكتاب والسُّنَّة.
٢ - خرق العوائد: قال: "المريد لا تفيض عليه العلوم اللدنية والأسرار الربانية حتى يخرق عوائد نفسه ... بتخريب ظاهره، حتى لا يقبله أحد، ولا يقبل عليه أحد ... وأمَّا ما دام ظاهرًا متزيِّنًا بلباس العوائد فلا يطمع في ورود المواهب والفوائد" (¬٢).
وقال ابن عجيبة في تفسيره لسورة العصر {وَالْعَصْرِ} (¬٣). أي: "عصر الذاكرين {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} (¬٤)، حيث احتجب عن ربه بنفسه وبرؤيته وجوده {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (¬٥) إلا الذين آمنوا إيمان الخصوص، وعملوا عمل الخصوص، وهو خرق العوائد واكتساب الفوائد، حتى وصلوا إلى كشف الحجاب" (¬٦).
وهذه السبل التي سلكها فهي مثل سابقتها لا تدلُّ عليها الأدلة بل خرق العوائد من الأمور الخطيرة التي سلكها المتصوفة.
---------------
(¬١) إيقاظ الهمم، ص ٤٢٦.
(¬٢) البحر المديد ٣/ ٢٩٤، و ٣/ ٤٦٣، ١/ ٤٧٥، وينظر: الفتوحات الإلهية، ص ٦٧.
(¬٣) سورة العصر: ١.
(¬٤) سورة العصر: ٢.
(¬٥) سورة العصر: ٣.
(¬٦) البحر المديد ٧/ ٣٥١.

الصفحة 124