كتاب آراء ابن عجيبة العقدية عرضا ونقدا

ذكرها هي القول بالحلول والاتحاد، وإليك نصًّا من أقوال ابن عجيبة بقضية الحلول والاتحاد قال: "يفتح لك الباب، ويرفع بينك وبينه الحجاب، فتتنزَّه في كمال الذات، وشهود الصفات، فتغيب عن أثر الجلال والجمال بشهود الكبير المتعال، فلا جلاله يحجبك عن جماله، ولا ذاته تحبسك عن صفاته، ولا صفاته تحبسك عن ذاته، تشهد جماله في جلاله، وجلاله في جماله، وتشهد ذاته في صفاته، وصفاته في ذاته" (¬١)، أين هو من قول الله - عز وجل -: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} (¬٢)،
قال الشيخ السعدي: "لعظمته، وجلاله وكماله، أي: لا تحيط به الأبصار، وإن كانت تراه، وتفرح بالنظر إلى وجهه الكريم، فنفي الإدراك لا ينفي الرؤية، بل يثبتها بالمفهوم، فإنه إذا نفى الإدراك الذي هو أخص أوصاف الرؤية، دلَّ على أنَّ الرؤية ثابتة، فإنه لو أراد نفي الرؤية لقال: "لا تراه الأبصار" ونحو ذلك، فعلم أنه ليس في الآية حجة لمذهب المعطلة، الذين ينفون رؤية ربهم في الآخرة، بل فيها ما يدلُّ على نقيض قولهم، أي: هو الذي أحاط علمه، بالظواهر والبواطن، وسمعه بجميع الأصوات الظاهرة، والخفيَّة، وبصره بجميع المبصرات، صغارها، وكبارها، ولهذا قال: {وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} الذي لطف علمه وخبرته، ودقَّ حتى أدرك السرائر والخفايا، والخبايا والبواطن" (¬٣).
وقال شيخ الاسلام ابن تيمية: ... وهذا الذي يهيجه السماع المبتدع، ليس هو الذي يحبه الله - عز وجل - ورسوله - صلى الله عليه وسلم - بل اشتماله على ما لا يحبه الله - عز وجل - وعلى
---------------
(¬١) إيقاظ الهمم، ص ١٧٣.
(¬٢) سورة الأنعام: ١٠٣ ..
(¬٣) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنَّان ١/ ٢٦٨.

الصفحة 160