كتاب آراء ابن عجيبة العقدية عرضا ونقدا

ثانيًا: الحكايات
يعتمد ابن عجيبة على الحكايات كثيرًا ويذكرها في ما يخالف العقيدة الصحيحة، وهذه بعض الأمثلة على ذلك:
١ - الاستغاثة بغير الله - عز وجل -
مثال ذلك: أن قومًا ركبوا البحر بسفينتهم، فخرجت عليهم سفينة النصارى فأرادوا أخذهم، فطلب أحدًا من كان معهم في السفينة من يعرف وليًا يستغيث به، فقال رجل معهم: اللا (¬١) فاطمة العجيبية- فإذا هي بينهم كما -زعموا- تدفع عنهم المركب إلى البر (¬٢).
عقيدة أهل السُّنَّة والجماعة أنَّ الاستغاثة بالمخلوق على قسمين:
القسم الأول: الاستغاثة بالمخلوق فيما لا يقدر عليه إلَاّ الله - عز وجل -، فهذه شركٌ أكبر؛ لأنها صرفٌ للعبادة لغير الله - عز وجل -.
أما الاستغاثة فيما يقدر عليه المخلوق مثل استغاثته بغيره في الحرب ليساعده، أو يناصره على عدوِّه؛ فهذا جائز، كما قال الله - عز وجل -: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} (¬٣).
وبهذا يتبيَّن أنَّ من استغاث بوليٍّ ميِّت، أو غائب، أو ذهب لضريح وليٍّ -كحد زعمه- ليستغيث به، أو علَّق قلبه بوليٍّ معتقدًا أنه يفرِّج له الكرب، فهذا كلُّه من الشرك الأكبر المنهي عنه، ومن كان هذه فعله فهو على خطر عظيم إن لم يتدارك نفسه بالتوبة، وتجريد التوحيد لله - عز وجل - (¬٤).
---------------
(¬١) اللا: كلمة متداولة عند أهل المغرب تدل على الاحترام، تطلق على الرجل والمرأة.
(¬٢) ينظر: الفهرسة، ص ٢٠.
(¬٣) سورة القصص: ١٥.
(¬٤) ينظر: إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد ١/ ١٩٣.

الصفحة 182