كتاب آراء ابن عجيبة العقدية عرضا ونقدا

والله - عز وجل - هو الذي يستغاث به لتفريج الكروب والهموم فيجيب الدعوة.
قال تعالى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ} (¬١).
وقال تعالى: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (¬٢).
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعبد الله بن عباس - رضي الله عنهما -: «واعلم أنَّ الأُمَّة لو اجتمعوا على أن ينفعوك لم ينفعوك إلا بشيءٍ كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك لم يضروك إلا بشيءٍ كتبه الله عليك» (¬٣).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: "سؤال الميت والغائب نبيًّا كان أو غيره من المحرمات المنكرة باتفاق أئمة المسلمين لم يأمر الله به - عز وجل - ولا رسوله ولا فعله أحدٌ من الصحابة - رضي الله عنهم - ولا التابعين لهم بإحسان ولا استحبَّه أحدٌ من أئمة المسلمين، وهذا مما يعلم بالاضطرار من دين المسلمين أنَّ أحدًا منهم ما كان يقول: إذا نزلت به ترة (¬٤) أو عرضت له حاجة لميت: يا سيدي فلان أنا في حسبك، أو اقض حاجتي كما يقول بعض هؤلاء المشركين لمن يدعونهم من الموتى والغائبين، ولا أحد من الصحابة - رضي الله عنهم - استغاث بالنبي - صلى الله عليه وسلم - بعد موته ولا بغيره من الأنبياء لا عند قبورهم، ولا
---------------
(¬١) سورة الأنفال: ٩.
(¬٢) سورة الأنعام: ١٧.
(¬٣) أخرجه الترمذي ٤/ ٢٥٨، رقم ٢٥١٦، وأحمد في المسند ١/ ٢٣٩، ٣٠٣، ٣٠٧، والطبراني في الكبير ١٢٩٨٨، ١٢٩٨٩، وابن السنِّي في عمل اليوم والليلة، ٤٢٥، والبيهقي في شعب الإيمان ١٧٤، ١٩٥، وقال الترمذي: حديثٌ حسنٌ صحيح، وصحَّحه الألباني في السلسلة الصحيحة ٥/ ٣٨١.
(¬٤) الترة: هي النقص. ينظر: النهاية في غريب الأثر ١/ ٤٩٨.

الصفحة 183