كتاب آراء ابن عجيبة العقدية عرضا ونقدا

الْبَصِيرُ} (¬١) "وقد نَزَّه الله - سبحانه وتعالى - نفسه عن صفات المخلوقين" (¬٢) , وقال ابن تيمية: "إنَّ أهل السُّنَّة متفقون على أنَّ الله ليس كمثله شيءٌ لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله" (¬٣)، وعبارة التخلُّق عبارة شنيعة منتزعة من قول الفلاسفة بالتشبه بالإله على قدر الطاقة، وهي التشبه (¬٤).
أمَّا أهل السُّنَّة والجماعة عرفوا طريق الحق فالتزموه ولم يحرقوا أصبعًا أو يقتلوا نفسًا بغير حق، بل غاية مرادهم تحقيق العبودية بتزكية أنفسهم، قال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} (¬٥)، قال ابن تيمية: "وإنما دين الحق هو تحقيق العبودية لله بكلِّ وجه وهو تحقيق محبة الله بكل درجة وبقدر تكميل العبودية تكمل محبة العبد لربه وتكمل محبة الرب لعبده وبقدر نقص هذا يكون نقص هذا؛ وكلما كان في القلب حبٌّ لغير الله كانت فيه عبودية لغير الله بحسب ذلك وكلَّما كان فيه عبودية لغير الله كان فيه حبٌّ لغير الله بحسب ذلك، وكلُّ محبَّةٍ لا تكون لله فهي باطلة، وكل عمل لا يراد به وجه الله فهو باطل، فالدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ما كان لله، ولا يكون لله إلا ما أحبَّه الله ورسوله وهو المشروع، فكلُّ عمل أريد به غير الله لم يكن لله، وكلُّ عمل لا يوافق شرع الله لم يكن لله بل لا يكون لله إلا ما جمع الوصفين: أن يكون لله وأن يكون موافقًا لمحبة الله ورسوله وهو الواجب والمستحب" (¬٦).
---------------
(¬١) سورة الشورى: ١١.
(¬٢) كتاب التوحيد ١/ ٩٤.
(¬٣) منهاج السُّنَّة ١/ ٤١٣.
(¬٤) ينظر: بدائع الفوائد ٢/ ٢٧٥.
(¬٥) سورة الشمس: ٩.
(¬٦) مجموع الفتاوى ١٠/ ٢١٣.

الصفحة 191