كتاب آراء ابن عجيبة العقدية عرضا ونقدا

شخصًا رأى الخضر أو ظنَّ الرائي أنه الخضر، أن كل ذلك لا يجوز إلا على الجهلة المخرفين الذين لا حظ لهم من علم، ولا عقل، ولا دين بل هم من الذين لا يفقهون ولا يعقلون" (¬١).
وما زعمه ابن عجيبة بأنَّ الخضر سلَّم عليه، فهذا خطأ، قال ابن كثير - رحمه الله -: "وهم يذكرون الله - عز وجل - في حكاياتهم، وما يستندونه عن بعض مشايخهم أنَّ الخضر يأتي إليهم، ويسلِّم عليهم، ويعرف أسماءهم ومنازلهم ومحالهم، وهو مع هذا لا يعرف موسى بن عمران - عليه السلام - كليم الله - عز وجل - الذي اصطفاه الله في ذلك الزمان على من سواه، حتى يتعرَّف إليه بأنَّه موسى بني إسرائيل" (¬٢).

والأدلة النقلية والعقلية كافية برد شبهات القائلين بحياة الخضر - عليه السلام -:
أولًا: الأدلة النقلية
قال تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ} (¬٣).
قال ابن كثير: "فالخضر إن كان بشرًا فقد دخل في هذا العموم لا محالة، ولا يجوز تخصيصه منه إلا بدليل، والأصل عدمه حتى يثبت، ولم يذكر ما فيه دليل على التخصيص عن معصوم يجب قبوله" (¬٤).
وقال الشنقيطي (¬٥): "الذي يظهر لي رجحانه بالدليل في هذه المسألة أنَّ
---------------
(¬١) مجموع الفتاوى ٢٧/ ٤٥٨.
(¬٢) البداية والنهاية ٢/ ٢٥٦.
(¬٣) سورة الأنبياء: ٣٤.
(¬٤) البداية والنهاية ٢/ ٢٦٥.
(¬٥) هو: محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر بن محمد بن أحمد نوح بن محمد بن سيدي بن أحمد المختار الجكني، يرجع نسبة إلى قبيلة حمير، ولد سنة ١٣٢٥ هـ، قدم لأداء فريضة الحج عام ١٣٦٧ هـ، ثم قدم المدينة فالتقى بالشيخين الشيخ عبد الله بن زاحم - رحمه الله - والشيخ عبد العزيز بن صالح - رحمه الله - وتوطَّدت العلاقة بين الطرفين، وتجدَّدت رغبة متبادلة لإفادة المسلمين، له مصنفات عدة منها: أضواء البيان، الرِّحلة إلى الحج، شرح مراقي السعود، وكانت وفاته ضحى يوم الخميس ١٧/ ١٢/١٣٩٣ هـ، بمكة المكرَّمة، ودفن في مقبرة المعلاة ليلة الأحد ٢٠/ ١٢/١٣٩٣ هـ. ينظر: ترجمة الشيخ بقلم تلميذه الشيخ عطيه محمد سالم في مقدمة أضواء البيان ١/ ٧.

الصفحة 201