كتاب آراء ابن عجيبة العقدية عرضا ونقدا

في باطن ما تحتمله تلك الآية من آخر من تأول أيضًا، ومن الباطل المحال أن يكون للآية باطن لا يبيِّنُه النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه كان يكون حينئذ لم يبلغ كما أمر، وهذا لا يقوله مسلم فبطل ما ظنُّوه" (¬١).
ووصف أبو الفضل السكسي (¬٢) حال القائلين بالظاهر والباطن بقوله: "والصوفية يعتزون إلى أهل السُّنَّة وليسوا منهم، قد خالفوهم في الاعتقاد والأفعال، والأقوال، أما الاعتقاد فسلكوا مسلكًا للباطنية الذين قالوا: إن للقرآن ظاهرًا وباطنًا فالظاهر ما عليه حملة الشريعة النبوية، والباطن ما يعتقدونه، فكذلك -أيضًا- فرق الصوفية قالت: إن للقرآن والسُّنَّة حقائق خفيَّة باطنية غير ما عليه علماء الشريعة من الأحكام الظاهرة، التي نقلوها خلفًا عن سلف، متصلًا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - بالأسانيد الصحيحة والنقلة الثقات وتلقته الأمة بالقبول وأجمع عليه السواد الأعظم" (¬٣).
وقال البربهاري (¬٤): "وكل علم ادعاه العباد من علم الباطن لم يوجد في الكتاب ولا في السُّنَّة فهو بدعة وضلالة، لا ينبغي لأحد أن يعمل به ولا يدعو إليه" (¬٥).
وممَّا يؤخذ على ابن عجيبة في تلقي القرآن أنه يزعم أن العارفين يسمعون القرآن بلا واسطة، حيث قال:
---------------
(¬١) الإحكام في أصول الأحكام ١/ ٢٨٨.
(¬٢) هو أبو الفضل، عبَّاس بن منصور بن عبَّاس التريمي السكسكي، فقيه يماني، تولى القضاء في تعز، توفي سنة ٦٣٨ هـ. ينظر: الأعلام ٣/ ٢٦٨.
(¬٣) البرهان في معرفة عقائد أهل الأديان، ص ٦٥.
(¬٤) أبو محمد، الحسن بن علي بن خلف البربهاري، نسبةً إلى الأدوية التي تجلب من الهند، قال ابن الجوزي عن البربهاري: جمع العلم والزُّهد، وكان شديدًا على أهل البدع، من مؤلفاته: شرح السُّنَّة، توفي عام ٣٢٩ هـ. ينظر: طبقات الحنابلة ٢/ ١٦، البداية والنهاية ١١/ ٢١٣، سير أعلام النبلاء ١٥/ ٩٠، شذرات الذهب ٢/ ٣١٩.
(¬٥) شرح السُّنَّة، ص ١٠٦.

الصفحة 65