كتاب آراء ابن عجيبة العقدية عرضا ونقدا

من الوساوس وهؤلاء يسمون ما يقربهم خاطرا" (¬١).
وقال ابن القيم: "ومن أحالك على غير أخبرنا وحدثنا فقد أحالك إما على خيال صوفي، أو قياس فلسفي، أو رأي نفسي، فليس بعد القرآن و (أخبرنا) و (حدثنا) إلا شبهات المتكلمين، وآراء المنحرفين، وخيالات المتصوفين، وقياس المتفلسفين، ومن فارق الدليل ضلَّ عن السبيل، ولا دليل إلى الله والجنة سوى الكتاب والسُّنَّة، وكل طريق لم يصحبها دليل القرآن والسُّنَّة فهي طريق الجحيم والشيطان الرجيم" (¬٢).
كما يؤخذ على ابن عجيبة أنه لا يستدل بنصوص الكتاب والسُّنَّة على الأمور العقدية، حيث يقول: "إذا وقع الاختلاف في الأحكام الظاهرة -وهي ما يتعلق بالجوارح الظاهرة- رُجع فيه إلى الكتاب العزيز أو السُّنَّة المحمدية، أو الإجماع أو القياس، وإن وقع الاختلاف في الأمور القلبية -وهي ما يتعلق بالعقائد التوحيدية من طريق الأذواق أو العلوم- يُرجع فيه إلى أرباب القلوب الصافية، فإنه لا يتجلى فيه إلا ما كان هو حقٌّ وصواب" (¬٣).
ومثال ذلك: أن المريدين لا يعرضون أو يَزِنون أقوال شيوخهم على الكتاب والسُّنَّة، ولقد شرح ابن عجيبة قول أبي الحسن الشاذلي: "من آداب مجالسة الصِّدِّيقين أن تفارق ما تعلم لتظفر بالسر المكنون" (¬٤) فقال:
"يعني إن أردت أن تظفر بما عندهم من السرِّ المكنون فأسقط عنهم الميزان في
---------------
(¬١) تلبيس إبليس، ص ٤٥١.
(¬٢) مدارج السالكين ٢/ ٤٦٨.
(¬٣) البحر المديد ٤/ ٢١٧.
(¬٤) إيقاظ الهمم، ص ٣٦٨.

الصفحة 68