كتاب أخير المدخرات شرح أخصر المختصرات
(كِتَابُ العِتْقِ)
العِتْقُ: تَحْرِيرُ الرَّقَبَةِ وَتَخْلِيصُهَا مِنَ الرِّقِّ، وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ القُرَبِ؛ لِأَنَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - جَعَلَهُ كَفَّارَةَ القَتْلِ وَغَيْرِهِ، وَجَعَلَهُ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَكَاكًا لِمُعْتِقِهِ مِنَ النَّارِ.
(يَسُنُّ عِتْقُ مَنْ لَهُ كَسْبٌ) لِانْتِفَاعِهِ بِمَلَكَةِ كَسْبِهِ بِهِ، (وَيُكْرَهُ) العِتْقُ (لِمَنْ لَا قُوَّةَ لَهُ، وَلَا كَسْبَ).
(وَلَا تَصِحُّ الوَصِيَّةُ بِهِ) أَيْ بِالعِتْقِ؛ (بَلْ تَعْلِيقُهُ) أَيِ العِتْقِ (بِالْمَوْتِ، وَهُوَ التَّدْبِيرُ)؛ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ لَا يَبْطُلُ بِإِبْطَالٍ وَلَا رُجُوعٍ، وَلَيْسَ بِوَصِيَّةٍ، (وَيُعْتَبَرُ) لِعِتْقِهِ كَوْنُهُ مِمَّنْ تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ، وَخُرُوجُهُ (مِنَ الثُّلُثِ)؛ سَوَاءٌ كَانَ التَّعْلِيقُ فِي الصِّحَّةِ أَوِ المَرَضِ.
(وَتُسَنُّ كِتَابَةُ مَنْ عَلِمَ فِيهِ خَيْرًا، وَ) الخَيْرُ: (هُوَ الكَسْبُ وَالْأَمَانَةُ، وَتُكْرَهُ) الكِتَابَةُ (لِمَنْ لَا كَسْبَ لَهُ) كَالعِتْقِ؛ لِئَلَّا يَصِيرَ كَلًّا عَلَى النَّاسِ، وَيْحَتَاجَ إِلَى المَسْأَلَةِ.
(وَيَجُوزُ بَيْعُ المُكَاتَبِ) لِأَنَّهُ قِنٌّ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ، (وَمُشْتَرِيهِ) أَيِ مُشْتَرِي المُكَاتَبِ (يَقُومُ مَقَامِ مُكَاتِبِهِ، فَإِنْ أَدَّى) المُكَاتَبُ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ لِلْمُشْتَرِي: (عَتَقَ، وَوَلَاؤُهُ لِمُنْتَقِلٍ إِلَيْهِ) وَهُوَ المُشْتَرِي.
(وَأُمُّ الوَلَدِ تَعْتِقُ بِمَوْتِ سَيِّدِهَا مِنْ كُلِّ مَالِهِ)؛ لِأَنَّ الاسْتِيلَادَ إِتْلَافٌ حَصَلَ بِسَبَبِ حَاجَةٍ أَصْلِيَّةٍ وَهِيَ الوَطْءُ، فَكَانَ مِنْ كُلِّ المَالِ.
الصفحة 145