كتاب أخير المدخرات شرح أخصر المختصرات
(وَإِنْ حَكَّمَ اثْنَانِ) فَأَكْثَرُ (بَيْنَهُمَا) أَوْ بَيْنَهُمْ (رَجُلًا) غَيْرَ قَاضٍ، (يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ) أَيْ يَتِّصِفُ بِالشُّرُوطِ لِحُكْمٍ بَيْنَهُمَا: (نَفَذَ حُكْمُهُ فِي كُلِّ مَا) أَيْ مَالٍ وَقِصَاصٍ وَحَدٍّ وَنِكَاحٍ وَلِعَانٍ وَغَيْرِهَا مِمَّا (يَنْفُذُ فِيهِ حُكْمُ مَنْ وَلَّاهُ إِمَامٌ أَوْ نَائِبُهُ)، حَتَّى مَعَ وُجُودِ قَاضٍ؛ فَهُوَ كَحَاكِمِ الإِمَامِ، لَكِنْ لِكُلٍّ مِنَ الخَصْمَيْنِ الرُّجُوعُ قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي الحُكْمِ.
(وَسُنَّ كَوْنُهُ) أَيِ القَاضِي: (قَوِيًّا بِلَا عُنْفٍ)؛ لِئَلَّا يَطْمَعَ فِيهِ الظَّالِمُ، (لَيِّنًا بِلَا ضَعْفٍ)؛ لِئَلَّا يَهَابَهُ صَاحِبُ الحَقِّ، (حَلِيمًا)؛ لِئَلَّا يَغْضَبَ مِنْ كَلَامِ الخَصْمِ، (مُتَأَنِّيًا)؛ لِئَلَّا تُؤَدِّيَ عَجَلَتُهُ إِلَى مَا لَا يَنْبَغِي، (فَطِنًا)؛ لِئَلَّا يَخْدَعَهُ بَعْضُ الأَخْصَامِ، (عَفِيفًا)؛ لِئَلَّا يُطْمَعَ فِي مَيْلِهِ بِإِطْمَاعِهِ.
(وَ) يَجِبُ (عَلَيْهِ العَدْلُ بَيْنَ مُتَحَاكِمَيْنِ) إِذَا تَرَافَعَا (فِي لَفْظِهِ وَلَحْظِهِ وَمَجْلِسِهِ وَدُخُولٍ عَلَيْهِ).
(وَحَرُمَ) عَلَى القَاضِي (الْقَضَاءُ وَهُوَ غَضْبَانُ كَثِيرًا، أَوْ) وَهُوَ (حَاقِنٌ) بِبَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ، (أَوْ فِي شِدَّةِ جُوعٍ أَوْ عَطَشٍ، أَوْ هَمٍّ، أَوْ مَلَلٍ، أَوْ كَسَلٍ، أَوْ نُعَاسٍ، أَوْ بَرْدٍ مُؤْلِمٍ، أَوْ حَرٍّ مُزْعِجٍ)؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ يُشْغِلُ الفِكْرَ المُوصِلَ إِلَى إِصَابَةِ الحَقِّ غَالِبًا.
(وَ) حَرُمَ عَلَى حَاكِمٍ (قَبُولُ رِشْوَةٍ، وَ) قَبُولُ (هَدِيَّةٍ مِنْ غَيْرِ مَنْ كَانَ يُهَادِيهِ قَبْلَ وِلَايَتِهِ، وَ) الحَالُ: أَنَّهُ (لَا حُكُومَةَ لَهُ)، فَيُبَاحُ لَهُ أَخْذُهَا؛ لِانْتِفَاءِ التُّهَمَةِ.
(وَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ) أَيِ القَاضِي (عَلَى عَدُوِّهِ، وَلَا لِنَفْسِهِ، وَلَا لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ) كَزَوْجَتِهِ.
(وَمَنِ اِسْتَعْدَاهُ عَلَى خَصْمٍ) أَيْ طَلَبَ مِنَ القَاضِي أَنْ يُحْضِرَ خَصْمًا (فِي البَلَدِ) الَّذِي بِهِ القَاضِي (بِمَا تَتْبَعُهُ الهِمَّةُ: لَزِمَهُ) أَيِ القَاضِيَ (إِحْضَارُهُ) أَيِ الخَصْمِ وَلَوْ لَمْ
الصفحة 206
229