كتاب أخير المدخرات شرح أخصر المختصرات
(كِتَابُ الشَّهَادَاتِ)
الشَّهَادَاتُ: وَاحِدُهَا «شَهَادَةٌ»، وَتُطْلَقُ عَلَى التَّحَمُّلِ وَالأَدَاءِ، وَهِيَ حُجَّةٌ شَرْعِيَّةٌ تُظْهِرُ الحَقَّ وَلَا تُوجِبُهُ؛ فَهِيَ الإِخْبَارُ بِمَا عَلَيْهِ بِلَفْظٍ خَاصٍّ.
وَ (تَحَمُّلُهَا فِي غَيْرِ حَقِّ اللَّهِ: فَرْضُ كِفَايَةٍ)، إِذَا قَامَ بِهَا مَنْ يَكْفِي سَقَطَ عَنْ غَيْرِهِ.
(وَأَدَاؤُهَا) أَيِ الشَّهَادَةِ: (فَرْضُ عَيْنٍ) عَلَى مَنْ تَحَمَّلَهَا (مَعَ القُدْرَةِ) عَلَيْهِمَا، (بِلَا ضَرَرٍ) يَلْحَقُهُ فِي بَدَنِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ أَهْلِهِ أَوْ عِرْضِهِ، فَإِذَا كَانَ عَلَيْهِ ضَرَرٌ فِي التَّحَمُّلِ وَالأَدَاءِ فِي ذَلِكَ، أَوْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَقْبَلُ الحَاكِمُ شَهَادَتَهُ، أَوْ يَحْتَاجُ إِلَى التَّبَذُّلِ فِي التَّزْكِيَةِ: لَمْ يَلْزَمْهُ.
(وَحَرُمَ أَخْذُ أُجْرَةٍ) عَلَى الشَّهَادَةِ (وَ) أَخْذُ (جُعْلٍ عَلَيْهَا) تَحَمُّلًا وَأَدَاءً، لَكِنْ (لَا) يَحْرُمُ أَخْذُ (أُجْرَةِ مَرْكُوبٍ لمُتَأذٍ بِمَشْيٍ) أَوْ يَعْجِزُ عَنْهُ مِنْ رَبِّ الشَّهَادَةِ.
(وَ) حَرُمَ (أَنْ يَشْهَدَ) أَحَدٌ (إِلَّا بِمَا يَعْلَمُهُ بِرُؤْيَةٍ، أَوْ سَمَاعٍ، أَوِ اسْتِفَاضَةٍ عَنْ عَدَدٍ يَقَعُ بِهِ العِلْمُ فِيمَا يَتَعَذَّرُ عِلْمُهُ غَالِبًا بِغَيْرِهَا) أَيْ بِغَيْرِ الاسْتِفَاضَةِ؛ (كَنَسَبٍ، وَمَوْتٍ، وَنِكَاحٍ، وَطَلَاقٍ، وَوَقْفٍ، وَمَصْرِفِهِ)؛ لِأَنَّ هَذِهِ الأَشْيَاءَ تَتَعَذَّرُ الشَّهَادَةُ عَلَيْهَا غَالِبًا بِمُشَاهَدَتِهَا وَمُشَاهَدَةِ أَسْبَابِهَا، أَشْبَهَتِ النَّسَبَ.
(وَاعْتُبِرَ ذِكْرُ شُرُوطِ مَشُهُودٍ بِهِ)؛ لِاخْتِلَافِ بَعْضِ النَّاسِ فِي بَعْضِهِ؛ فَرُبَّمَا اعْتَقَدَ الشَّاهِدُ صِحَّةَ مَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ.
(وَيَجِبُ إِشْهَادٌ فِي نِكَاحٍ)؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لِصِحَّتِهِ، (وَيُسَنُّ فِي غَيْرِهِ) أَيِ النِّكَاحِ؛
الصفحة 213
229