كتاب أحكام القرآن لابن العربي ط العلمية (اسم الجزء: 1)

صَرِيحُ مَذْهَبِ مَالِكٍ فِي أُصُولِهِ
كُلِّهَا، وَسَتَرَاهَا مَوْرُودَةً بِالتَّبْيِينِ حَيْثُ تَصَفَّحْت الْمَسَائِلَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا أَوْ غَيْرِهِ.
وَنُكْتَةُ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَخْبَرَنَا عَنْ قَصَصِ النَّبِيِّينَ، فَمَا كَانَ مِنْ آيَاتِ الِازْدِجَارِ وَذِكْرِ الِاعْتِبَارِ فَفَائِدَتُهُ الْوَعْظُ، وَمَا كَانَ مِنْ آيَاتِ الْأَحْكَامِ فَالْمُرَادُ بِهِ الِامْتِثَالُ لَهُ وَالِاقْتِدَاءُ بِهِ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ} [الأنعام: 90]
فَنَبِيُّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِمَّنْ أُمِرَ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِمْ، وَبِهَذَا يَقَعُ الرَّدُّ عَلَى ابْنِ الْجُوَيْنِيِّ حَيْثُ قَالَ: إنَّ نَبِيَّنَا لَمْ يُسْمَعْ قَطُّ أَنَّهُ رَجَعَ إلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ، وَلَا بَاحَثَهُمْ عَنْ حُكْمٍ، وَلَا اسْتَفْهَمَهُمْ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ لِفَسَادِ مَا عِنْدَهُمْ.
أَمَّا الَّذِي نَزَلَ بِهِ عَلَيْهِ الْمَلَكُ فَهُوَ الْحَقُّ الْمُفِيدُ لِلْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، وَلَا مَعْنَى لَهُ غَيْرُهُ.

[مَسْأَلَةٌ الْقَوْلِ بِالْقَسَامَةِ]
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: لَمَّا ضَرَبَ بَنُو إسْرَائِيلَ الْمَيِّتَ بِتِلْكَ الْقِطْعَةِ مِنْ الْبَقَرَةِ قَالَ: دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ؛ فَتَعَيَّنَ قَتْلُهُ، وَقَدْ اسْتَدَلَّ مَالِكٌ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ وَهْبٍ عَنْهُ عَلَى صِحَّةِ الْقَوْلِ بِالْقَسَامَةِ بِقَوْلِ الْمَقْتُولِ: دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ بِهَذَا، وَقَالَ مَالِكٌ: هَذَا مِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّ قَوْلَ الْمَيِّتِ: دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ مَقْبُولٌ وَيُقْسِمُ عَلَيْهِ.
فَإِنْ قِيلَ: كَانَ هَذَا آيَةً وَمُعْجِزَةً عَلَى يَدِي مُوسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِبَنِي إسْرَائِيلَ

الصفحة 39