كتاب أحكام القرآن لابن العربي ط العلمية (اسم الجزء: 1)
مِمَّا وَفَّى فِيهَا لِلشَّيْطَانِ بِشَرْطِهِ حِينَ قَالَ: {فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} [النساء: 119].
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: ثَبَتَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُسَمِّ الْغَنَمَ فِي آذَانِهَا»، وَكَأَنَّ هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ تَغْيِيرِ خَلْقِ اللَّهِ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُقَلِّدُ الْهَدْيَ وَيُشْعِرُهُ أَيْ يَشُقُّ جِلْدَهُ، وَيُقَلِّدُهُ نَعْلَيْنِ، وَيُسَاقُ إلَى مَكَّةَ نُسُكًا»؛ وَهَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ تَغْيِيرِ خَلْقِ اللَّهِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: هُوَ بِدْعَةٌ؛ كَأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ بِهَذِهِ الشَّعِيرَةِ فِي الشَّرِيعَةِ، لَهِيَ [فِيهَا] أَشْهَرُ مِنْهُ فِي الْعُلَمَاءِ. الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: وَسْمُ الْإِبِلِ وَالدَّوَابِّ بِالنَّارِ فِي أَعْنَاقِهَا وَأَفْخَاذِهَا مُسْتَثْنًى مِنْ التَّغْيِيرِ لِخَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى كَاسْتِثْنَاءِ مَا سَلَف.
[مَسْأَلَة حُكْم الْوَاشِمَةَ وَالْمُسْتَوْشِمَة وَالنَّامِصَةَ وَالْمُتَنَمِّصَةَ]
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْوَاشِمَةَ وَالْمُسْتَوْشِمَةَ، وَالنَّامِصَةَ وَالْمُتَنَمِّصَةَ، وَالْوَاشِرَةَ وَالْمُوتَشِرَةَ، وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ».
فَالْوَاشِمَةُ هِيَ الَّتِي تَجْرَحُ الْبَدَنَ نُقَطًا أَوْ خُطُوطًا، فَإِذَا جَرَى الدَّمُ حَشَتْهُ كُحْلًا، فَيَأْتِي خِيلَانًا وَصُوَرًا فَيَتَزَيَّنُ بِهَا النِّسَاءُ لِلرِّجَالِ؟ وَرِجَالُ صِقِلِّيَّةَ وَإِفْرِيقِيَّةَ يَفْعَلُونَهُ لِيَدُلَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى رُجْلَتِهِ فِي حَدَاثَتِهِ.
الصفحة 630
671