كتاب أحكام القرآن لابن العربي ط العلمية (اسم الجزء: 2)

تَمَامٌ يُحِلُّهَا وَتَطْهِيرٌ لَهَا، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ فِي الْأَرْضِ النَّجِسَةِ: «ذَكَاةُ الْأَرْضِ يُبْسُهَا». وَهِيَ فِي الشَّرْعِ عِبَارَةٌ عَنْ إنْهَارِ الدَّمِ، وَفَرْيِ الْأَوْدَاجِ فِي الْمَذْبُوحِ، وَالنَّحْرِ فِي الْمَنْحُورِ، وَالْعَقْرِ فِي غَيْرِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ؛ مَقْرُونًا ذَلِكَ بِنِيَّةِ الْقَصْدِ إلَيْهِ. وَذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: إنَّا لَاقُو الْعَدُوِّ غَدًا، وَلَيْسَ مَعَنَا مُدًى، أَفَنَذْبَحُ بِالْقَصَبِ؟ فَقَالَ: مَا أَنْهَرَ الدَّمَ، وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلُوهُ، لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ. وَسَأُخْبِرُكُمْ: أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ، وَأَمَّا الظُّفُرُ فَمُدَى الْحَبَشَةِ».
وَرَوَى النَّسَائِيّ، وَأَبُو دَاوُد، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّ عَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ قَالَ لَهُ: أَرَأَيْت إنْ أَصَابَ أَحَدُنَا صَيْدًا وَلَيْسَ مَعَهُ سِكِّينٌ، أَنَذْبَحُ بِالْمَرْوَةِ وَشِقَّةِ الْعَصَا؟ قَالَ: انْهَرْ الدَّمَ بِمَا شِئْت، وَاذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى». وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ جَارِيَةِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ.

الصفحة 27