كتاب أحكام القرآن لابن العربي ط العلمية (اسم الجزء: 2)

[مَسْأَلَة الْأَشْهُرِ الَّتِي قُدِّرَتْ لِلسِّيَاحَةِ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذِهِ الْأَشْهُرِ الَّتِي قُدِّرَتْ لِلسِّيَاحَةِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ:
الْأَوَّلُ: أَنَّهَا مِنْ شَوَّالٍ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ إلَى صَفَرٍ مِنْ سَنَةِ تِسْعٍ؛ قَالَهُ الزُّهْرِيُّ وَغَيْرُهُ.
الثَّانِي: أَنَّهَا عِشْرُونَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، أَوَّلُهَا يَوْمُ النَّحْرِ إلَى تَمَامِ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ.
وَذَلِكَ بِمُضِيِّ عَشَرَةِ أَيَّامٍ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ تِسْعٍ، وَقِيلَ: هُوَ الثَّالِثُ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ.
وَقِيلَ فِي الرَّابِعِ مِنْ يَوْمِ يَبْلُغُهُمْ الْعِلْمُ.
وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ؛ فَبِذَلِكَ كَانَ الْبَدْءُ وَإِلَيْهِ كَانَ الْمُنْتَهَى.

[الْآيَة الثَّالِثَةُ قَوْله تَعَالَى وَأَذَانٌ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ]
الْآيَةُ الثَّالِثَةُ:
قَوْله تَعَالَى {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [التوبة: 3].
فِيهَا أَرْبَعُ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: الْأَذَانُ: هُوَ الْإِعْلَامُ لُغَةً مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ، الْمَعْنَى بَرَاءَةٌ مِنْ اللَّهِ وَسُولِهِ وَأَذَانٌ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، أَيْ هَذِهِ بَرَاءَةٌ، وَهَذَا إعْلَامٌ وَإِنْذَارٌ: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا} [الإسراء: 15].
{لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: 165].
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: رَوَى الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَطَبَ بِمِنًى فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ أَتَدْرُونَ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: هَذَا يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ. أَتَدْرُونَ أَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: شَهْرٌ حَرَامٌ. قَالَ: أَتَدْرُونَ أَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟

الصفحة 449