كتاب أحكام القرآن لابن العربي ط العلمية (اسم الجزء: 2)

أَفَأَصِلُهَا؟ قَالَ: صِلِي أُمَّكِ».
وَتَمَامُهُ يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ} [الممتحنة: 8] الْآيَةَ.

[مَسْأَلَة مَعْنَى قَوْله تَعَالَى وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [التوبة: 23]: تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [المائدة: 51] إمَّا بِالْمَآلِ وَسُوءِ الْعَاقِبَةِ، وَإِمَّا بِالْأَحْكَامِ فِي الْعَاجِلَةِ، وَذَلِكَ ظُلْمٌ أَيْ وَضْعُ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ، وَيَخْتَلِفُ الْحُكْمُ فِيهِ بِاخْتِلَافِ الْمَوْضِعِ الْمَوْضُوعِ فِيهِ كُفْرًا وَإِيمَانًا.

[الْآيَة الْعَاشِرَة قَوْله تَعَالَى قُلْ إنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ]
ْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [التوبة: 24] فِيهَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَوْله تَعَالَى {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا} [التوبة: 24]: هَذَا بَيَانُ فَضْلِ الْجِهَادِ، وَإِشَارَةٌ إلَى رَاحَةِ النَّفْسِ وَعَلَاقَتِهَا بِالْأَهْلِ وَالْمَالِ.
وَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ: هَذِهِ الْآيَةُ فِي بَيَانِ حَالِ مَنْ تَرَكَ الْهِجْرَةَ، وَآثَرَ الْبَقَاءَ مَعَ الْأَهْلِ وَالْمَالِ وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «إنَّ الشَّيْطَانَ قَعَدَ لِابْنِ آدَمَ ثَلَاثَةَ مَقَاعِدَ: قَعَدَ لَهُ فِي طَرِيقِ الْإِسْلَامِ، فَقَالَ: أَتَذَرُ دِينَك وَدِينَ آبَائِك وَتُسْلِمَ. فَخَالَفَهُ وَأَسْلَمَ. وَقَعَدَ لَهُ فِي طَرِيقِ الْهِجْرَةِ، فَقَالَ لَهُ: أَتَذَرُ أَهْلَك وَمَالَك فَتُهَاجِرَ، فَخَالَفَهُ ثُمَّ هَاجَرَ. وَقَعَدَ لَهُ فِي طَرِيقِ

الصفحة 463