كتاب أحكام القرآن لابن العربي ط العلمية (اسم الجزء: 2)

وَالصَّحِيحُ قَبُولُهَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ، وَفِي كُلِّ حَالٍ عِنْدَ الدُّعَاءِ إلَيْهَا وَالْإِجَابَةِ بِهَا.
الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ: [مَحِلُّ الْجِزْيَةِ]: وَمَحِلُّهَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ الْأَحْرَارُ الْبَالِغُونَ الْعُقَلَاءُ دُونَ الْمَجَانِينِ، وَهُمْ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ، دُونَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ لِذَلِكَ.
وَاخْتُلِفَ فِي الرُّهْبَانِ؛ فَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهَا لَا تُؤْخَذُ مِنْهُمْ.
قَالَ مُطَرِّفٌ، وَابْنُ الْمَاجِشُونِ: هَذَا إذَا لَمْ يَتَرَهَّبْ بَعْدَ فَرْضِهَا، فَإِنْ فُرِضَتْ، لَمْ يُسْقِطْهَا تَرَهُّبُهُ.
وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ: وَسَتَجِدُ قَوْمًا حَبَسُوا أَنْفُسَهُمْ لِلَّهِ، فَذَرْهُمْ وَمَا حَبَسُوا أَنْفُسَهُمْ لَهُ، فَإِذَا لَمْ يَهِيجُوا، وَلَمْ يَقْتُلُوا لَمْ تُطْلَبْ مِنْهُمْ جِزْيَةٌ؛ لِأَنَّهَا بَدَلٌ عَنْ الْقَتْلِ.

[مَسْأَلَة مَعْنَى قَوْله تَعَالَى حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ]
الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ: قَوْله تَعَالَى {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ} [التوبة: 29]: فِيهِ خَمْسَةَ عَشَرَ قَوْلًا: الْأَوَّلُ: أَنْ يُعْطِيَهَا وَهُوَ قَائِمٌ وَالْآخِذُ جَالِسٌ؛ قَالَهُ عِكْرِمَةُ الثَّانِي: يُعْطُونَهَا عَنْ أَنْفُسِهِمْ بِأَيْدِيهِمْ يَمْشُونَ بِهَا؛ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ.
الثَّالِثُ: يَعْنِي مِنْ يَدِهِ إلَى يَدِ آخِذِهِ، كَمَا تَقُولُ: كَلَّمَتْهُ فَمًا لِفَمٍ، وَلَقِيَتْهُ كِفَّةً كِفَّةً، وَأَعْطَيْته يَدًا عَنْ يَدٍ.
الرَّابِعُ: عَنْ قُوَّةٍ مِنْهُمْ.
الْخَامِسُ: عَنْ ظُهُورٍ.
السَّادِسُ: غَيْرَ مَحْمُودِينَ وَلَا مَدْعُوٍّ لَهُمْ.
السَّابِعُ: تُوجَأُ عُنُقُهُ.
الثَّامِنُ: عَنْ ذُلٍّ.
التَّاسِعُ: عَنْ غِنًى.
الْعَاشِرُ: عَنْ عَهْدٍ.

الصفحة 479