كتاب أحكام القرآن لابن العربي ط العلمية (اسم الجزء: 2)

ثَمَنًا لِلْجَاهِ فَهِيَ مَكْرُوهَةٌ؛ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَعَنَ اللَّهُ الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ»، وَالرَّائِشَ، وَهُوَ الَّذِي يَصِلُ بَيْنَهُمَا، وَيَتَوَسَّطُ لِذَلِكَ مَعَهُمَا.
الثَّانِي: أَخْذُهَا بِغَيْرِ الْحَقِّ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [البقرة: 188]. وَقَدْ بَيَّنَّاهُ.

[مَسْأَلَة الصَّدّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْله تَعَالَى {وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: 34]: إنْ قِيلَ فِيهِ: يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فِي الْحُكْمِ بِالْحَقِّ وَالْقَضَاءِ بِالْعَدْلِ، أَوْ قِيلَ فِيهِ: إنَّ مَعْنَاهُ صَدُّهُمْ لِأَهْلِ دِينِهِمْ عَنْ الدُّخُولِ فِي الْإِسْلَامِ بِتَبْدِيلِهِمْ وَتَغْيِيرِهِمْ، وَإِغْوَائِهِمْ وَتَضْلِيلِهِمْ، فَهَذَا كُلُّهُ صَحِيحٌ، لَا يَدْفَعُهُ اللَّفْظُ.

[مَسْأَلَة مَعْنَى قَوْله تَعَالَى وَاَلَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَوْلُهُ: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} [التوبة: 34]: الْكَنْزُ فِي اللُّغَةِ هُوَ الْمَالُ الْمَجْمُوعُ، كَانَ فَوْقَ الْأَرْضِ أَوْ تَحْتَهَا، يُقَالُ: كَنَزَهُ يَكْنِزُهُ إذَا جَمَعَهُ، فَأَمَّا فِي الشَّرْعِ، وَهِيَ: الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: فَنَحْنُ لَا نَقُولُ: إنَّ الشَّرْعَ غَيْرُ اللُّغَةِ، وَإِنَّمَا نَقُولُ: إنَّهُ تَصَرَّفَ فِيهَا تَصَرُّفَهَا فِي نَفْسِهَا بِتَخْصِيصِ بَعْضِ مُسَمَّيَاتِهَا، وَقَصْرِ بَعْضِ مُتَنَاوَلَاتِهَا لِلْأَسْمَاءِ، كَالْقَارُورَةِ وَالدَّابَّةِ فِي بَعْضِ الْعَقَارِ وَالدَّوَابِّ. وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى سَبْعَةِ أَقْوَالٍ:
الْأَوَّلُ: أَنَّهُ الْمَجْمُوعُ مِنْ الْمَالِ عَلَى كُلِّ حَالٍّ.
الثَّانِي: أَنَّهُ الْمَجْمُوعُ مِنْ النَّقْدَيْنِ.
الثَّالِثُ: أَنَّهُ الْمَجْمُوعُ مِنْهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ حُلِيًّا.
الرَّابِعُ: أَنَّهُ الْمَجْمُوعُ مِنْهُمَا دَفِينًا.

الصفحة 486