كتاب أحكام القرآن لابن العربي ط العلمية (اسم الجزء: 2)

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي سَبَبِ نُزُولِهَا: قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ نُزُولِ ذَلِكَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ إلَى الرُّومِ، وَكَانَتْ غَزْوَةً بَعِيدَةً فِي وَقْتٍ شَدِيدٍ مِنْ حَمَّارَةِ الْقَيْظِ، وَعَدُوًّا كَثِيرًا، اُسْتُنْفِرَ لَهَا النَّاسُ كُلُّهُمْ عَلَى مَا نُبَيِّنُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ.

[مَسْأَلَة مَعْنَى قَوْله تَعَالَى خِفَافًا وَثِقَالًا]
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ: {خِفَافًا وَثِقَالا} [التوبة: 41]: فِيهِ عَشَرَةُ أَقْوَالٍ:
الْأَوَّلُ: رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّهُ قَالَ: شُبَّانٌ وَكُهُولٌ، مَا سَمِعَ اللَّهِ عُذْرَ أَحَدٍ؛ فَخَرَجَ إلَى الشَّامِ فَجَاهَدَ حَتَّى مَاتَ.
الثَّانِي: شُبَّانًا وَشِيبًا.
الثَّالِثُ: فِي الْيُسْرِ وَالْعُسْرِ.
الرَّابِعُ: فِي الْفَرَاغِ وَالشُّغْلِ.
الْخَامِسُ: مَعَ الْكَسَلِ وَالنَّشَاطِ.
السَّادِسُ: رِجَالًا وَرُكْبَانًا.
السَّابِعُ: صَاحِبُ صَنْعَةٍ وَمَنْ لَا صَنْعَةَ لَهُ.
الثَّامِنُ: جَبَانًا وَشُجَاعًا.
التَّاسِعُ: ذَا عِيَالٍ وَمَنْ لَا عِيَالَ لَهُ.
الْعَاشِرُ: الثَّقِيلُ: الْجَيْشُ كُلُّهُ، وَالْخَفِيفُ: الْمُقَدَّمَةُ.
وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ فِيهَا غَيْرُ هَذِهِ الْأَقْوَالِ، إلَّا أَنَّ هَذِهِ جُمْلَةٌ تَدُلُّ عَلَى مَا بَقِيَ، وَالْكُلُّ مُحْتَمَلٌ أَنْ يَكُونَ مُرَادًا بِالْآيَةِ، لَكِنْ مِنْهُ مَا يَقْرُبُ، وَمِنْهُ مَا يَبْعُدُ.

[مَسْأَلَة انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وجاهدوا بِأَمْوَالِكُمْ هَلْ هِيَ محكمة أُمّ مَنْسُوخَة]
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَالَ عُلَمَاؤُنَا: اُخْتُلِفَ فِي إحْكَامِ هَذِهِ الْآيَةِ أَوْ نَسْخِهَا قَوْله عَلَى قَوْلَيْنِ بَيَّنَّاهُمَا فِي الْقِسْمِ الثَّانِي.

الصفحة 516