كتاب أحكام القرآن لابن العربي ط العلمية (اسم الجزء: 2)

زَمَانِهِمَا، فَلَا مَعْنَى لِلِاحْتِجَاجِ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي مَنَّ بِالْمَعْرِفَةِ وَكَفَانَا الْمَئُونَةُ.

[مَسْأَلَة أَعْطَى الْإِمَامُ صَدَقَةَ الرَّجُلِ لِوَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَزَوْجِهِ الَّذِينَ تَلْزَمُهُ نَفَقَةُ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ: هَذِهِ الْأَوْصَافُ الَّتِي ذَكَرْنَا شَأْنَهَا فِي الْأَصْنَافِ الَّتِي قَدَّمْنَا بَيَانَهَا إنَّمَا تُعْتَبَرُ عِنْدَ عُلَمَائِنَا فِيمَنْ لَا قَرَابَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُتَصَدِّقِ، فَإِنْ وَقَعَتْ الْقَرَابَةُ فَفِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ عَرِيضٌ طَوِيلٌ.
فَأَمَّا صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ فَقَدْ «قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِزَيْنَبِ امْرَأَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ: زَوْجُكِ وَوَلَدُكِ أَحَقُّ مَنْ تَصَدَّقْت عَلَيْهِمْ بِهِ».
يَعْنِي بِحُلِيِّهَا الَّذِي أَرَادَتْ أَنْ تَتَصَدَّقَ بِهِ.
وَفِي حَدِيثِ بِئْرِ حَاءٍ: «قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَبِي طَلْحَةَ: أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الْأَقْرَبِينَ»، فَجَعَلَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ، وَبَنِي عَمِّهِ.
وَهَذَا كُلُّهُ صَحِيحٌ ثَابِتٌ فِي كُلِّ أُمٍّ وَبِنْتٍ مِنْ الْحَدِيثِ.
وَأَمَّا صَدَقَةُ الْفَرْضِ فَإِنْ أَعْطَى الْإِمَامُ صَدَقَةَ الرَّجُلِ لِوَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَزَوْجِهِ الَّذِينَ تَلْزَمُهُ نَفَقَةُ جَمِيعِهِمْ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ.
وَأَمَّا إنْ تَنَاوَلَ هُوَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَهَا بِحَالٍ لِمَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ؛ لِأَنَّهُ يُسْقِطُ [فِي ذَلِكَ] بِهَا عَنْ نَفْسِهِ فَرْضًا.
وَأَمَّا إنْ أَعْطَاهَا لِمَنْ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ؛ فَمِنْهُمْ مَنْ جَوَّزَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ كَرِهَهُ.
قَالَ مَالِكٌ: خَوْفَ الْمَحْمَدَةِ.
وَقَالَ مُطَرِّفٌ: رَأَيْت مَالِكًا يَدْفَعُ زَكَاتَهُ لِأَقَارِبِهِ.
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ وَهُوَ إمَامٌ عَظِيمٌ: قَالَ مَالِكٌ: أَفْضَلُ مَنْ وَضَعْت فِيهِ زَكَاتَك قَرَابَتُك الَّذِينَ لَا تَعُولُ.

الصفحة 536