كتاب الأعلام للزركلي (اسم الجزء: 1)

الهجريّ والميلادي
ولقيت عناء في التوفيق بين التاريخين الهجريّ والميلادي، لإغفال أكثر المؤرخين ذكر الشهر الّذي ولد فيه صاحب الترجمة أو توفي. فكنت أقف أمام المولود أو المتوفى سنة 435 هـ (مثلا) فأرى سنة 1043 الميلادية تنتهي في جمادى الأولى، وهو الشهر الخامس من السنة، فلا أدري أكانت الولادة أو الوفاة في أول السنة فتطابقها سنة 1043 م، أم في آخرها فتوافقها سنة 1044؟ ولم يكن أمامي بعد إطالة البحث عن الشهر، غير الترجيح مع فقد المرجح.
ولم أغن عن الإشارة إلى ذلك هنا مخافة أن أتهم بارتجال التّاريخ في عصر كثر فيه مرتجلوه.

وفيات الجاهليين
وجاء دور الجاهليين، فراعني من بعض المعاصرين إقدامهم على تأريخ وفياتهم جازمين مطلقين، غير مترددين ولا مقيدين، في حين أن جاهلية العرب وما انطوت عليه من حضارة وبداوة، ما برحت من أسرار التاريخ الغامضة، لم يكشف حجابها تنقيب، ولم يأتنا بنبأها عليم، وما استنتاج المعتمد على الانسياب وأخبار الأعراب إلا ضرب من الحدس والتخمين. والتاريخ لا مجال للظنون فيه أو يفسد ويختلط حابله بنابله. ذلك ما اضطرني إلى التنبيه حينا بلفظ (نحو) وإلى إغفال التاريخ أحيانا.

ذكر المصادر
وكان من بواعث أسفي أني عام باشرت جمع الكتاب وتلخيص مادته (سنة 1330 هـ / 1912 م) لم أعن بتقييد المصادر، ذهابا إلى أن الكتاب سيكون (معجما مدرسيا) كأحد معاجم اللغة، ولم تبد لي ضرورة إثبات المصدر، إلا بعد تفرق كتبي واجتماع جمهرة كبيرة من التراجم لديّ، فأعدت الكرّة على ما تيسر الرجوع إليه، فاستدركت شيئا مما فات، فأسندته إلى بعض أصوله، وبقي غير القليل غفلا من الإسناد.

الدعوة إلى نقده
في تاريخ العرب، ولا سيما كتب التراجم، تحريف وتعارض ليس من السهل تمييز صحيحه من عليلة. يعرف هذا من طالع بعض ما كتب فيه أو مني بتحقيق بحث من أبحاثه.

الصفحة 21