كتاب الفتح على أبي الفتح
قال الشيخ أبو الفتح: في لفظ هذا البيت اختلال في صناعة الإعراب. وذلك أنهم قد عرفوا إنه لم يكنه فحكايته عنهم قالوا ألم تكنه. إنما هو على مذهب التقرير. لأنهم لم يشكوا في إنه لم يكنه فيستفهموه فصار كما تقول ألم تأت فأعطيك لا يريد استفهامه فإنما يريد إنه قد أتاك فأعطيته. وإذا كان تقريرا ففيه نقص واختلال. وذلك أن التقرير إذا دخل في لفظ النفي ردّه إلى الإيجاب في المعنى. وإذا دخل على لفظ الإيجاب رده إلى النفي في المعنى. ألا ترى إلى قول الله تعالى: أأنت قلت للناس. وهو تبارك اسمه لا يشك وإنما هو تقرير ومعناه إنك لم تقل. فهذا لفظ الإيجاب الذي عاد إلى النفي. وأما لفظ النفي الذي أعاده التقرير إلى الإيجاب فنحو قوله: أليس في جهنم مثوى للمتكبرين. أي أن فيها مثوى لهم. فقوله ألم تكنه ينبغي أن يعود في المعنى إلى انهم قد قالوا كنيته، أو كان عندهم ممن كناه. وهذا محال لأنهم قد أنكروا عليه ترك كنيته فلم يضع الكلام موضعه.
وهذا على ما قاله أبو الفتح إذا فسر هذا التفسير. ونحن نقول بل هو استفهام، لا يتضمن تقريراً. وما الذي يحوجنا إلى أن نجعله تقريراً ثم نخطئه وما يضر من
أن يكون استفهاما صريحاً. كأنهم سألوه: هل كناه، فقال لهم: لم أكنه، لأنه عي إذا وصفناه. فأي نقصان يلحق ما نحاه أبو الطيب من المعنى على هذا التأويل.
ثم قال لا يتوفى أبو العشائر البيت. . . وأبو الفتح أهمل تفسيره وهو محتاج إلى شرح. وذاك أن معناه متصل بما قبله. يقول: إذا لم تكنه لم يتوق أبو العشائر أن يشتبه معناه بمعنى غيره. وقوله:
الصفحة 344
362