كتاب الفتح على أبي الفتح

إنما تعجب من كتمان الليل مع ضوئها وحسنها. ولا ذلك لم يكن لتعجبه وجه.
وقوله:
مثلت عينك في حشاي جراجة ... فتشابها كلتاهما نجلاء
هذا البيت ظاهر المعنى. إلا أني شاهدت كثيراً من الفضلاء يغالطون في معنى قوله:
مثلت عينك في حشاي جراحة
ويظنون أن معناه: خيلتها إلي، وصورتها عندي جراحة.
وقولون هذا كما تقول: فلان غصَّة في صدري، وشجي في حلقي وإن لم تكن لذلك حقيقة يراد به وهو يحل محل الغصة من الصدر والشجي في الحلق. وكذلك هذه العين تحل محل الجراحة في حشاي. وهذا كقوله في شعره أيضاً:
ممثلة حتى كأن لم تفارقي ... وحتى كأن اليأس من وصلك الوَعدُ
وقوله أيضاً:
كانت من الحسناء سؤالي إنّما ... أجلي تَمثّل في فؤادي سُولا
أي تخيل وهذا خطأ فاحش، إذ كان آخر هذا البيت ينقص هذا القول بقوله: فتشابها إذ هي عين واحدة، وتشابها فعل اثنين. ومعنى البيت: مثلت، أي أحدثت لعينك مثالا في حشاي. أي جرحته جراحة

الصفحة 46