كتاب الفتح على أبي الفتح

يستعمل الغضب على من هو دونك، والحزن على فعل من فوقك. ألا ترى إن السلطان إذا غصب رجلا على مال فانه يحزن عليه، ولو سرق سارق لغضب عليه.
وقوله:
وما قضى أحدٌ منها لبانَتَهُ ... ولا انتهى أربٌ إلا إلى أرب
هذا بيت فلسفي البنية. وذاك أن كل طالب حاجة فإنه إذا أدركها أحدثت في قلبه أربا آخر. مثال ذلك: إنك إذا تمنيت ثوباً حسناً فوجدته تمنيت رداء مثله في الحسن تلبسه معه. فإذا وجدت الرداء تتمنى فرساً تركبها فإذا وجدتها تتمنى سلاحاً تتجمل به، أو تستعين به على الأعداء، فإذا وجدته تتمنى غلمانا وأصحابا، فإذا وجدتهم تتمنى ضيعة تعود بفضلها على عيالك وأصحابك ويستديم بها تجملك. فإذا وجدتها طلبت منزلة من السلطان تحفظ بها نعمتك فإذا وجدتها طلبت الفضل على إضرابك من أصحابه. فإذا بلغت الفضل على جميعهم طلبت الملك فإذا نلته طلبت الخلود فهذا متعالم، وإياه عني القائل:
والنفس راغبة إذا رغبتها ... وإذا ترد إلى قليل تقنع

الصفحة 54