كتاب الفتح على أبي الفتح
الحس. ألم تسمع قول تأبط شراً ليلة خبث الرهط للشنفري لما ورد الماء، إن على الماء رصداً، وأني لأسمع وجيب قلوبهم. فقال الشنفري: والله لا تسمع شيئاً وإنما تسمع وجيب قلبك. فوضع يده على قلبه. فقال: لا والله ما هو جيب قلبي، وما كان وجاباً ولكن على الماء رصد فامض أنت وعمرو بن براق فاشربا فستجدان على الماء رصداً. فلما ورد الشنفري لم يتعرضوا له. وتركوه، فشرب وانصرف. قال: والله لقد شربت حتى رويت. وورد عمرو فلم يتعرضوا له فروى وانصرف وقال مثل قوله. فقال لكنهم لا يريدونكما. وإنما يريدونني. فكان الأمر على ما قال في خبر له طويل.
وقوله: (كأنه من الليل) أي كأنه قطعة من الليل، وقد تم الكلام به أعني إنه غير متعلق بقوله (باق) بين عينيه كوكب، لئلا يظن ظان إنه يقول: بقي في عينيه كوكب فقط، فيسقط حينئذ (تشبيهه) إياه بالليل. وهذه اللفظة ومعناها وحدها من
أبي دواد حيث يقول:
ولها فرحة تلألأ كالشعري ... أضاءت وغيم عنها النجوم
وقول ابن رميلة يمدح رجلا:
كأنَّ الثريا عُلقَِت فوق نحره ... وفي أنفه الشعري وفي خده القمر
وإن كان مدحاً يريد به وضوح الممدوح وشهرة شأنه ففيه تنبيه للقائل باق بين عينيه على هذا المعنى.
الصفحة 68
362