كتاب الفتح على أبي الفتح
وهذه الرسالة عملها في صباه. والنزق حداه على إظهارها وما أجدر مريد الخير له بكتمانها عليه. فمن الأبيات التي ردّها هذا البيت. يقول: ولا ندري لم لا يحزن الله سيف الدولة إذا اخذ بنصيب من القلق. أترى هذه التسلية أحسن عند أمته أم قول أوس:
أيتها النفس اجملي جزعا ... إن الذي تحذرين قد وقعا
وهنا أخطأ في موضعين:
أحدهما إنه ظن إنه يقول: كلما حزن الأمير حزنت فقط. فظن أن (يحزن) رفع لأنه أخبار. ولولا ظنه ذلك لما استفهم فقال لم لا يحزن الله سيف الدولة إذا اخذ أبو الطيب بنصيب من القلق. وهذا خطأ. (ويحزن) جزم، والنون مكسورة لالتقاء الساكنين. وه دعاء. كما تقول: لا يمت زيد، ولا تشلل يدك. فيقول: لا أصابك الله بحزن فأني أحزن إذا حزنت. كأنه يقول: لا حزنني الله. وسائغ في الدعاء متعارف أن يقال: لا حزنني الله، ولا نالني بحزن. غير منكر ولا مبغي عليه. ولو كان كما ظنه لم يكن من كلام العقلاء أن يقال. لا يحزن الله زيداً فإنني مشاركه، لأن كونه مشاركاً لزيد لا يكون سبباً لأن يصرف الله الحزن عن زيد. لأنه كلام محال ولا ريب إن من يظن هذا بهذا البيت يقول ما قاله الصاحب لكن (الصواب) بخلافه.
والغلط الثاني إنه قال: أترى هذه التسلية أحسن أم قول أوس. وإن هذا البيت ليس بتسلية وإنما هو دعاء للممدوح. وليحسب إنه على ما ظن قائل هذا القول، فكيف تكون تسلية أخباره إن الله تعالى
الصفحة 72
362