كتاب الفتح على أبي الفتح
لا يحزن لسيف الدولة لأن المتنبي شريكه فهذا ظاهر. وترك الدلالة على هذه الزلة غير سائغ مع ما قصدنا له من الدلالة على
غامض أبيات هذا الفاضل. والله المعين.
وقوله:
ومَنْ سَر أهل الأرض ثم بكى أسَىً ... بكى بعيون سَرهَّا وقلوب
سرهم أي أسدى إليهم ما يسرون به. فإذا بكى ساعدته تلك العيون والقلوب التي كان سرها فبكيت ببكائه. وهذا مأخوذ من قول يزيد ابن محمد المهلبي:
أشركتمونا جميعاً في سروركم ... فلهونُا إذ حزنتم غيرُ إنصاف
وقد قصر أبو الطيب في صنعه هذا البيت. وذاك إنه قال: (أهل الأرض) فعم بهذا القول. ثم قال: بكى بعيون. فنكر وخص. ولو قال: بكى بالعيون التي سرها والقلوب لكان أجود لتكون عيون أهل الأرض كلها وقلوبهم مساعدة له على البكاء، وكان أظهر للمعنى إلا أن الوزن لم يساعد. ولو قال من سر قوماً لكان قد استوفى المعنى ولم يختل اللفظ. وهو دقيق فتأمله.
وقوله:
ولولا أيادي الدهر في الجمع بيننا ... غفلنا فلم نشعر له بذُنُوبِ
الصفحة 73
362