كتاب الفتح على أبي الفتح
كأنه يعتذر للدهر يقول: وإن كان يسيء في وقت، فقد أحسن في وقت. فلولا إنه جمع بيننا فأولانا هذه المنة لكنّا لا نعد عليه ذنباً بتفريقه شملنا. وقد أكثر الشعراء في هذا المعنى وفيما هو قريب منه قول أبي تمام:
والحادثات وإن أصابك بؤسها ... فهو الذي أنباك كيف نعيمها
وكأن قوله:
ونَذَيمُهُم وبهم عرفنا قدره ... وبضدها تتبين الأشياء
من هذا الباب أيضاً إلا أن في البيت الأول فضلا وهو نفحه عن الدهر، وتصويبه لما أتاه وعذل من يذمه على إساءته بعد إحسانه. وليس في قوله: ونذيمهم وبهم عرفنا فضله. غير إنه يقول:
أظهر حسن فضائله قبح أخلاق اللئام إذا قربوا إليه. وبيانه في قول البحتري:
وقد زادها إفراط حسُنِ جوارُها ... خلائق إصغارٍ من المجد خيّب
وحسن دراريّ الكواكب أن تُرى ... طوالع في داجٍ من الليل غيهب
الصفحة 74
362