كتاب الفوائد لابن القيم - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)
فيه ولا يُنْقَصُ منه. قال: لأنَّه قال: {الْقَوْلُ لَدَيَّ} (¬١)، ولم يقلْ: قولي، وهذا كما يُقالُ: لا يُكْذَبُ عندي.
فعلى القول الأول يكونُ قولُه: {وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (٢٩)} [ق: ٢٩] من تمام قولِهِ: {مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ} في المعنى؛ أي: ما قلتُهُ ووَعدتُ به لا بدَّ من فعِلِه، ومع هذا فهو عدلٌ لا ظلمَ فيه ولا جَوْرَ. وعلى الثاني يكونُ قد وَصَفَ نفسَه بأمرينِ: أحدُهما: أنَّ كمال علمِهِ واطلاعِهِ يَمنع من تبديل القول بين يديْهِ وترويج الباطل عليه. و [الثاني: أنَّ] (¬٢) كمال عدلِهِ وغناه يَمنعُ من ظلمِهِ لعَبيدِهِ.
ثم أخبرَ عن سَعَةِ جهنَّمَ، وأنها كلَّما أُلْقِيَ فيها {تَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (٣٠)} [ق: ٣٠]، وأخطأ من قال: إن ذلك للنفي؛ أي: ليس فيَّ (¬٣) مزيدٌ. والحديثُ الصحيحُ يَرُدُّ هذا التأويل (¬٤).
ثم أخبر عن تقريب الجنَّة من المتَّقينَ، وأنَّ أهلَها هم الذين اتَّصفوا بهذه الصفاتِ الأربع:
إحداها (¬٥): أن يكون أوَّابًا؛ أي: رَجَّاعًا إلى الله؛ من معصيتِهِ إلى طاعتِهِ، ومن الغفلةِ عنه إلى ذِكْرِهِ. قال عبيدُ بن عُميرٍ: الأوَّابُ: الذي
---------------
(¬١) الأصل: "عندي".
(¬٢) زيادة على الأصل.
(¬٣) ط: "من".
(¬٤) يشير إلى ما رواه البخاري (٤٨٤٨) ومسلم (٢٨٤٨) عن أنس مرفوعًا: "لا تزال جهنم تقول: هل من مزيد، حتى يضع فيها ربّ العزة تبارك وتعالى قدمه، فتقول: قط قط". ونحوه عند البخاري (٤٥٦٨) عن أبي هريرة.
(¬٥) الأصل: "أحدها".