كتاب نونية ابن القيم الكافية الشافية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

٣٦٢ - وإلَيْهِ قَدْ عَرَجَ الرسولُ فقُدِّرَتْ ... مِن قُرْبِه مِنْ رَبِّهِ قَوْسَانِ
---------------
٣٦٢ - وسيأتي مثله في البيت ١١٩٨. والمؤلف رحمه الله يشير إلى عروج النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى السماء في حادثة الإسراء والمعراج، وحديث الإسراء والمعراج أخرجه البخاري من حديث شريك بن عبد الله عن أنس بن مالك وفيه: "ثم علا به فوق ذلك مما لا يعلمه أحد إلا الله حتى جاء سدرة المنتهى ودنا الجبار رب العزة فتدلّى حتى كان منه قاب قوسين أو أدنى فأوحى الله إليه فيما يوحى إليه .. " الحديث أخرجه البخاري ١٣/ ص ٤٧٨ فتح، كتاب التوحيد، باب ٣٧ ما جاء في قوله عزّ وجل: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: ١٦٤].
وعبارة "دنا الجبار فتدلّى حتى كان منه قاب قوسين أو أدنى" الواردة في الحديث هي من زيادة شريك بن عبد الله وهي من أوهامه التي تفرد بها.
قال ابن كثير: "شريك بن عبد الله بن أبي نمر اضطرب في هذا الحديث وساء حفظه ولم يضبطه ". تفسير ابن كثير ٤/ ٢٤٧ - ٢٥٣، وقد انتقد على شريك في هذا الحديث عشرة أشياء منها نسبته الدنو والتدلي إلى الله عر وجل، وقد حرر هذه المسألة بتوسع الحافظ ابن حجر رحمه الله في شرحه لهذا الحديث. فتح الباري ١٣/ ٤٨٣ - ٤٨٧، وانظر مدارج السالكين ٣/ ٣٠٠ فصل الاتصال.
أما قوله تعالى: {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (٨) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (٩)} [النجم: ٨، ٩] فللعلماء في الضمير في قوله: {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (٨)} قولان:
الأول: أن الضمير يعود إلى الرب عزّ وجل وأنه سبحانه هو الذي دنا من النبي - صلى الله عليه وسلم - فتدلى فكان من النبي قاب قوسين أو أدنى، وذكره بعض المفسرين، وقد تقدم بيان ضعف استدلالهم بالحديث. تفسير الطبري مجلد ١٣/ ٢٧/ ٤٤، تفسير ابن كثير ٤/ ٢٤٧.
الثاني: أن الضمير يعود إلى جبريل عليه السلام لا على الله تعالى، وأن جبريل هو الذي دنا من النبي - صلى الله عليه وسلم -وهو على صورته الحقيقية فكان منه قاب قوسين أو أدنى، ثم أوحى الله تعالى إليه بما أوحى، وهذا ما رجحه الناظم رحمه الله في كتابه "مدارج السالكين" ونصره من ستة عشر وجهًا، ورجحه =

الصفحة 133