كتاب نونية ابن القيم الكافية الشافية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

تعطيل. فمن شبه الله تعالى (¬١) بخلقه فقد كفر، ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر، وليس ما وصف الله به نفسَه أو وصفه (¬٢) به رسولُه تشبيهًا. فالمشبّه يعبد صنمًا، والمعطّل يعبد عدمًا، والموحّد يعبد إلهًا واحدًا صمدًا، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: ١١].
والكلام في الصفات كالكلام في الذات، فكما أنا نثبت ذاتًا لا تشبه الذوات، فكذا نقول في صفاته (¬٣) إنّها لا تشبه الصفات. فليس كمثله شيء لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله. فلا نشبّه صفاتِ الله بصفات المخلوقين.
ولا نزيل عنه سبحانه صفةً (¬٤) من صفاته لأجل شناعة (¬٥) المشنِّعين، وتلقيب المفترين. كما أنّا لا نبغض أصحابَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - لتسمية الروافض (¬٦) لنا
---------------
= عن القبيح، والتنزيه في الاصطلاح: تبعيد الرب تعالى عما لا يليق به من العيوب والنقائص مع إثبات صفات الكمال له سبحانه. درء تعارض العقل والنقل ٧/ ٨٦ - ٨٨، التعريفات للجرجاني ص ٩٧.
(¬١) "تعالى" من ب وحدها.
(¬٢) في طت، طه: "أو ما وصفه".
(¬٣) في ب، د: صفاتها.
(¬٤) في ف، ب: "عنه صفة".
(¬٥) في طه "تشنيع"، والشناعة بفتح الشين هي الفظاعة، يقال شنع الأمر: قبح فهو شنيع، وشنع عليه الأمر: قبحه. اللسان ٨/ ١٨٦.
(¬٦) الرَّوافِضُ: هم الرافضة وهو لقب أطلقه زيد بن علي بن الحسين على الذين تفرقوا عنه ممن بايعوه بالكوفة لإنكاره عليهم الطعن في أبي بكر وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما، وأطلق الأشعري في المقالات هذا اللقب على من يرفض خلافة أبي بكر وعمر من الشيعة، وأكثر الشيعة يسبون معظم أصحاب =

الصفحة 24