كتاب نونية ابن القيم الكافية الشافية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

واستعفَوا (¬١) من عقْدِه فطالبهم المُثْبتُ بواحدة من خِلال ثلاث:
مناظرة في مجلس عام (¬٢) على شَريطةِ العلم والإنصاف، تُحضَر فيه النصوصُ النبوية والآثارُ السلفية، وكتبُ أئمتكم المتقدمين من أهل العلم والدين. فقيل لهم: لا مراكبَ (¬٣) لكم تسابقون بها في هذا الميدان، ومالكم بمقاومة فُرسانه يدان (¬٤).
فدعاهم إلى مكاتبةٍ (¬٥) بما (¬٦) يدعون إليه، فإن كان حقًّا قبلَه وشكركم عليه، وإن كان غير ذلك سمعتم جوابَ المثبت، وتبيّن لكَم حقيقةُ ما لديه. فأبَوا ذلك أشدّ الإباء، واستعفَوا غاية الاستعفاء.
فدعاهم إلى القيام بين الركن والمقام (¬٧) قيامًا في
---------------
(¬١) استعفوا: أي طلبوا الإعفاء من ذلك.
(¬٢) "عام" سقطت من ب. وفي ط: "عالم"، وهو خطأ.
(¬٣) مراكب: جمع مَركب وهي الدابة.
(¬٤) أي لا طاقة لكم بمقاومتهم. يقال: مالي بفلان يدانِ، أي طاقة. الصحاح ٦/ ٢٥٤٠. وقد تكرر هذا التعبير في كلام الناظم، انظر مثلًا البيت الأول، والأبيات ٣٦، ١٠٨، ١٢٢ وغيرها.
(¬٥) في د، ح، طع، طه: "مكاتبته"، ويعني بالمكاتبة هنا: المراسلة، ليقيم الحجة عليهم -بعدما ضعفوا عن المقابلة والمناظرة- بالمراسلة والمكاتبة، فيكتبون له ما يرون، ثم يجيبهم كتابة.
(¬٦) في طع، طه: "فيما".
(¬٧) أي عند الكعبة بين الحجر الأسود ومقام إبراهيم عليه السلام. واختار هذا المكان لما يحدث للقلب من الخوف والوجل والرهبة وتعظيم قدر الله تعالى فيه.

الصفحة 37