كتاب نونية ابن القيم الكافية الشافية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

فصل
وهذه أمثال حسان مضروبة (¬١) للمعطِّل والمشبِّه والموحِّد ذكرتُها (¬٢) قبل الشروع في المقصود، فإن ضربَ الأمثال مما يأنس به العقلُ لتقريبها المعقول من المشهود (¬٣).
وقد قال تعالى (¬٤) - وكلامه المشتمل على أعظم الحجج وقواطع البراهين- {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ (٤٣)} [العنكبوت: ٤٣]. وقد اشتمل منها على بضعة وأربعين مثلًا، وكان بعض السلف إذا قرأ مثلًا لم (¬٥) يفهمه اشتدّ (¬٦) بكاؤه، ويقول: لست من العالمين (¬٧). وسنفرد لها إن شاء الله كتابًا مستقلاًّ متضمنًّا لأسرارها ومعانيها وما تضمنته من فنون (¬٨) العلم وحقائق الإيمان.
---------------
(¬١) ف: "مضروبة حسان".
(¬٢) طه: "ذكرناها".
(¬٣) المعقول: هو الأمر المتصور بالعقل والذهن، والمشهود: هو المائل المشاهد بالعين.
(¬٤) ف: "الله".
(¬٥) ف: "ولم يفهمه".
(¬٦) ما عدا الأصل: "يشتد".
(¬٧) ومن ذلك ما رواه ابن أبي حاتم بسنده عن عمرو بن مرة قال: ما مررت بآية من كتاب الله لا أعرفها إلا أحزنني لأني سمعت الله يقول: {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ (٤٣)} [العنكبوت: ٤٣]. ذكره ابن كثير في التفسير ٣/ ٤١٤، والسيوطي في الدر المنثور ٥/ ٢٧٨.
(¬٨) ف: "مكنون". وفي غيرهما: "كنوز".

الصفحة 41