كتاب نونية ابن القيم الكافية الشافية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

فبلّغَ الرسالة، وأدّى الأمانة، ونصَحَ الأمّة (¬١) وجاهدَ في الله حقَّ جهاده، وعَبَد اللهَ حتى أتاه اليقين من ربّه (¬٢). وشرح الله له (¬٣) صدرَه، ورفع له ذكرَه، ووضع عنه وِزرَه (¬٤)، وجعل الذلّةَ والصَّغارَ على من خالف أمرَه (¬٥).
وأقسم بحياته (¬٦) في كتابه المبين. وقرَنَ اسمَه باسمِه، فإذا ذُكِر ذُكِر معه، كما في الخطب والتشهد والتأذين. فلا يصحّ لأحد خطبةٌ ولا تشهدٌ ولا أذانٌ ولا صلاةٌ (¬٧)، حتى يشهد أنه عبده ورسوله شهادة اليقين. فصلّى اللهُ وملائكتُه وأنبياؤه ورسلُه وجميعُ خلقِه عليه، كما
---------------
= يعي شيئًا، ومنه قوله تعالى: {وَقَالُوا قُلُوُبُنَا غُلْفُ} [البقرة/ ٨٨] اللسان ٩/ ٢٧١.
(¬١) في ح، ط زيادة: "وكشف الغمة".
(¬٢) فكان - صلى الله عليه وسلم - مطيعًا لأمر الله تعالى له {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (٩٩)} [الحجر: ٩٩] واليقين: الموت.
(¬٣) في ب: وشرح له.
(¬٤) كما قال تعالى ممتنًّا على رسوله - صلى الله عليه وسلم -: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (١) وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (٢) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (٣) وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ (٤)} [الشرح: ١ - ٤].
(¬٥) كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "جعل رزقي تحت ظل رمحي وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري". رواه البخاري عن ابن عمر معلقًا ٦/ ٩٨ فتح، كتاب الجهاد باب ٨٨ ما قيل في الرماح، والإمام أحمد ٤/ ٢٩.
(¬٦) كما قال تعالى: {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ (٧٢)} [الحجر: ٧٢] وإقسام الله تعالى به تشريف له - صلى الله عليه وسلم - وتكريم.
(¬٧) يعني أن الأمور المذكورة لا تصح إلا بالجمع بين الشهادتين، فلا تكفي شهادة التوحيد حتى يقرن بها شهادة الرسالة لمحمد - صلى الله عليه وسلم -.

الصفحة 7